للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فدَعا مُحَمَّدًا الرَّاوِيَة -يعرَفُ بالبَيْذَق لقِصَرِهِ، وكان إنْشَادُه (٤) أشَدَّ طَرَبًا من الغِنَاء- فقال له: أنْشِدْني قَصِيْدةَ الجُرْجانيِّ التي مَدَحَني بها، فأنْشدَه، فقال الرَّشِيْدُ: الشِّعْرُ في رَبِيْعَة سَائرَ اليَوْم! فقال له سَعيدُ بنُ سَلْمِ: يا أَمِيرَ المُؤْمنِيْن، اسْتَنْشِدْهُ قَصِيدَةَ أَشْجَعَ الّتي مَدَحك بها، فقال: الشِّعْر في رَبيعةَ سَائرَ اليَوْم، فلم يَزل بهِ سَعيدٌ حتَّى اسْتَنْشَده فأنْشَدَهُ (b)، فلمَّا بلغَ قولَهُ: [من الكامل]

وعلى عَدُوِّكَ يا ابن عَمّ مُحَمَّدٍ … رَصَدَان: ضوءُ الصُّبْحِ والإظْلَامُ

فإذا تنبَّهَ رُعْتَهُ وإذا هَدَا … سَلَّتْ عليه سُيُوفَكَ الأحْلَامُ

فقال له سَعِيد: واللَّه لو خَرِس يا أَمِير المُؤْمنِنْ بعد هذين البَيْتَيْن كان أشْعَرَ النَّاسِ.

ذَكَرَ أبو الفَرَج عليّ بن الحُسَين الأصْبَهَانِيّ الكَاتِت في كتاب الأغَانِي (١)، قال: أخْبَرَني عليُّ بن صالِح، قال: حَدَّثَني أحْمَدُ بن أبي فَنَن، قال: حَدَّثَني دَاوُد بن مُهَلْهِل، قال: لمَّا خَرَج جعفَرُ بن يَحْيَى ليُصْلح أمرَ الشَّام، فنزل في مَضْربهِ، وأمر بإطْعَام النَّاس، فقام أَشْجَعُ فأنْشَدَهُ (٢): [من الكامل]

فِئَتان طَاغيةٌ وباغيَةٌ … جلَّتْ أُمُورُهُما عن الخَطْب

قد جاءكم بالخَيْل شَازِبَةً (c) … ينقلنَ نحوَكُمُ رَحَى الحَرْب

لم يبْقَ إِلَّا أنْ تَدُورَ بكم … قد قام هَادِيْها على القُطْب

أخْبَرَنا زَيْن الأُمَناء أبو البَرَكَات الحَسَن بن مُحَمَّد من كتابهِ، قال: أخْبَرَنا الحافِظ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن (٣)، قال: أنْبَأنَا أبو القَاسِم عليّ بن إبْراهيم، وأبو


(a) الأصل: أستاذه، ب: إسناده.
(b) ساقطة من ب.
(c) ب: شازية، الديوان والصولي: شارية، والشازبة: الضامر من الخيل.

<<  <  ج: ص:  >  >>