للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه، قال: أخْبَرنِي مُحمَّد بن يَحْيَى بن العبَّاسِ، أخْبَرَنَا الحَسَنُ بن عُلَيْل العَنْزِيّ بها (a)، قال: حَدَّثَنَا عليّ بن الصَّبَّاح، قال: حَدَّثَني هِشَام بن مُحمَّد، قال: لَمَّا كَثُرَ الطَّاعُونُ في زَمَنِ بَني أُمَيَّة وفَشَا، كانت العَرَب تَنْتَجعُ البَرَّ، وتَبْتَنِي القُصُور والمصَانع هَرَبًا منهُ، إلى أنْ وَلي هِشَام بن عَبْد المَلِكِ، فابْتنَى الرُّصَافَة.

وكانت الرُّصَافَة مَدِينَةً رُوْمِيَّةً؛ بَنَتْها الرُّوم في القَديم، ثمّ خَرِبَت، وكان الخُلَفَاءُ وأبناؤُهُم يَهْربُون من الطَّاعُون، فينزلون البَرِّيَّة، فعزِم هِشَامٌ على نُزُول الرُّصَافَة، فقيل لهُ: لا تَخْرُج، فإنَّ الخُلَفَاءَ لا يُطْعَنُون؛ لم نَرَ خَلِيفَةً طُعِن! قال: أفتريدُونَ أنْ تُجَرِّبُوا بي؟ فخرج إلى الرُّصَافَةِ، وهي بَرِّيَّةٌ فابْتنَى بها قَصْريْن.

وذكَرَ حَمْزَة بن الحَسَن الأصْبَهَانِيّ في كاب تَوَاريخ الأُمَمِ (١): أنَّ النُّعْمان بن الحَارِث بن الأيْهَم بن الحاَرِث بن مَارِيَة ذات القُرْطَيْنِ، وهو أحَد مُلُوك غَسَّان، هو الّذي أصْلَح صَهاريج الرُّصَافَة، وكان بعض مُلُوك لَخْم خَرَّبَها.

قُلْتُ: وفي الرُّصَافَة دَيْرٌ مَذكورٌ للنَّصارَى؛ ذكَرَه الشِّمْشَاطِيّ في كتاب الدِّيَارَات (٢)، وذَكَرَ حِكايَة الأَخْطَل، وشَدِّ رَاهب الدَّيْر إيّاهُ على هَجوه النَّاس، وَسَنَذكُر ذلك في تَرْجَمَةِ الأَخْطَل (٣) إنْ شَاءَ اللَّهُ.


(a) كذا في الأصل، ونسبته لعنزة القبيلة وليست مكانًا، وهو من سر من رأى، إلا أن يكون أَفْلت من نسبته: السامري، نسبة لبلده.

<<  <  ج: ص:  >  >>