للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يكونُ كَذَا حتَّى القِيامَة إننِّي … أُحَاذُرِ في الإصْبَاح ضِرمَةَ نَارِ

فيا لَيْل طُلْ لي إنَّ لي فيكَ رَاحةً (a) … وفي الصُّبْح قَتْلٌ (b) أو فِكاكُ أسَارِي

ولو كنتتُ تحتَ الأرْضِ تِسْعينَ وَادِيًا (c) … لَمَا ردّ عنِّي ما أخَافُ حِذَاري

فيا نفسُ مَهْلًا إنَّ للمَوْت غايةً … فصَبْرًا على ما فاتَ يا ابنَ ضِرَارِ

أأخْشَى ولي في القَوْم رَحْمٌ قَرِيبةٌ … مِنَ الأمْرِ ما أخْشَى والاشْتَرُ جَارِي

ولو أنَّهُ كان الأسيرَ ببَلْدَةٍ … أُطَاِعُ بها شَمّرتُ ذَيْل إزَارِي

ولو كُنْتُ جارَ الأشْعَثِ الخَيْرِ فكَّني … وفرَّ من الأمْرِ المَخُوفِ فِرَارِي

وجارَ المُرَادِيِّ العَظِيْمِ وهَانئٍ … وزَحْرِ بنِ قَيْسٍ ما كرهتُ نَهارِي

ولو أنَّني كُنْت الأَسِيْرَ لبَعْضِهِمْ … دَعَوْت عَمِيْدَ القَوْم عِندَ عِثَارِي (d)

فإلَّا يُغِثْني (e) في الصَّبَاحِ بنِعْمةٍ … يفُكُّ بها عنِّي فقَبْريَ دَارِي

قال: فلَّا سَمِعَ الأشْتَرُ هذه الأبْيَات كأنَّها حَرَّكَتْهُ، ثمّ غَدَا به الأشْتَر على (f) عليّ بن أبي طَالِب، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ (g)، فقال: يا أَمِيرَ المُؤْمنِيْن، هذا رَجُلٌ أخَذْتُه البَارِحَةَ أسِيْرًا بلا قِتَالٍ، واللَّهِ لو عَلِمْتُ أنَّ قتْلَهُ الحَقُّ (h) لقتَلْتُه، وقد باتَ عندي البَارِحَة، وحَرَّكَنِي بأبياتٍ قالها، فإنْ أحبَبْتَ قَتْلَهُ فاقْتُله، وانْ كُنتَ فيهِ بالخيار فهَبْهُ لي، فقال عليّ بن أبي طَالِب رَضِيَ اللَّهُ عنهُ (i): هو لك يا مَالِك، فإذا أصبْتَ أسِيْرًا فلا تقْتُلْهُ، فإنَّ أسيرَ أهْل القِبْلَهَ لا يقتَلُ ولا يُقَادُ (j)، قال: فردَّه الأشْتَر إلى رَحْلِهِ، فأحْسَنَ إليه وردَّ عليه ما كان أخَذَ منه وأطْلَقَهُ.


(a) ابن أعثم: فيا ليل طبِّق إن فيك راحة.
(b) ابن أعثم: قتلى.
(c) ب: قامة.
(d) لم يرد هذا البيت في نشرة الفتوح.
(e) ابن أعثم: فإلا بعثني.
(f) ابن أعثم: إلى.
(g) ب: رضي اللَّه عنه.
(h) ابن أعثم: أن قتله أحب إليك.
(i) قوله: "رضي اللَّه عنه" ساقط من ب.
(j) ابن أعثم: لا يفادى.

<<  <  ج: ص:  >  >>