للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُلت (١): [من الطويل]

فما رَوْضَةٌ بالحُزْن طَاهِرَة (a) الثَّرَى … يَمُجُّ النَّدَى جَثْجَاثُها وعَرَارُها

بأَطْيَبَ من أرْدَانِ عَزَّةَ مَوْهِنًا … وقد وُقِدَتْ (b) بالمنَدَلِ الرَّطْبِ نَارهَا

من الخَفَرات البِيْض لم تَلْقَ (c) شِقْوةً … وبالحَسَب المكنُون صَافٍ (d) نِجَارُها (e)

فإنْ برزَتْ (f) كانت لعَيْنِك قُرَّة … وإنْ غبْتَ عنها لم يُعَمِّمك (g) عَارُها

قالت: أرأيْت حين تَذْكرُ طِيْبها إذا اسْتَجْمَرَت بالمنَدَلِ الرَّطْب، فلو أنَّ زِنْجِيَّةً اسْتَجمَرت بالمنَدَلِ الرَّطْب لطَاب رِيْحُها، ألَا قلْت كما قال امْرُؤُ القَيْس (٢): [من الطويل]

خَلِيليَّ مُرَّا بي على أُمّ جُنْدُب … نُقَضِّي لبُاناتِ الفُؤاد المُعَذَّب

ألَم تَرَياني كُلَّما جئْتُ طَارِقًا … وجَدْتُ بها طِيْبًا وإنْ لم تَطَيَّب

قَال: الحقّ والله ضَيْر ما قيل، هو واللهِ أنْعَتُ لصَاحِبَته منِّي (h).

قلتُ: الّذي يقَعُ لي أنَّ كُثَيِّر عزَّة أرَادَ الرَّوْضَة بقَوْله:

وقد وُقِدَتْ بالمنَدَل الرَّطْب نَارُهَا

وفي الكَلَام تقدمُ وتَأخيرٌ.

وقَوْله: وهو أنْعَتُ لصَاحِبَتهِ منِّي، إنّ صَحَّ الخَبَرُ، ففيه اعْتِرَافٌ بتَفْضِل بَيْتيَ امْرِئ القَيْس على شِعْره، والأمْرُ كذلك لعذُوبة ألْفَاظها، ووَصفها بأنَّهُ إذا طَرَقَها وجَد بها طِيْبًا وإنْ لم تَطَيَّب، وليس في أبيات كُثيِّر مثلُ ذلك لأنَّهُ وَصف


(a) ب: ظاهرة، الديوان والأغاني: طيبة.
(b) الديوان: أوقدت.
(c) الديوان: لم تّر.
(d) الديوان: وفي الحسب المحض الرفغ.
(e) الخرائطي: اعلال القلوب: فحارها.
(f) الديوان: خفيت.
(g) الديوان: وإن تجدُ يومًا لم يعُمّك.
(h) من قوله: "قال الحق … " إلى هنا ساقط من ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>