للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى وَقْعَة الطَّوَاحِين، فقال بعد أنْ ذَكَرَ دُخُول المُعْتَضِد إلى حَلَب: ورحَلَ الأميرُ من مَدِينَة حَلَب يوم الخَمِيْس لليلتَيْن خَلَتا من رَجَب - يعني من سَنَة إحْدَى وسَبْعِين - نحو قِنَّسْرِيْن الأُوْلَى، وبينَهُما إثنا عشر مِيْلًا تكون أربعة فَرَاسِخ، وقِنَّسْرِيْن مَدِينَة صَغيرة لأَخِي الفُصَيْص التَّنُوخيّ، وعليها سُور، ولها قَلْعَة، وسُورها مُتَّصلٌ بسُور سَائر المَدِينَة، وعلى فَرْسَخ من هذا الموضِع - ممَّا يلي حَلَب - مثلُ هذه المَدِينَة لطَيِّءٍ، وهي الَّتي تُعْرفُ بحَاضِر طَيِّءٍ، وعليها سُور أيضًا، ولها قَلْعَةٌ على بناءِ قِنَّسْرِيْن.

وقَرأتُ بِخَطِّ بَنُوْسَةَ في كتاب أخْبار البُلْدان وفُتُوحها وبنائها، تأليفُ أحْمد بن يَحْيَى بن جَابِر البَلاذُرِيّ (١): وكان حَاضِر قِنَّسْرِيْن لتَنُوخ مُذْ أوَّل ما تَنَّخُوا (a) بالشَّام؛ نَزَلُوه وهم في خِيَم الشَّعْرِ، ثمّ ابتَنوا به المنازِل، فدَعَاهُم أبو عُبَيْدَة إلى الإسْلام، فأَسْلَم بعضُهُم، وأقام على النَّصْرانيَّةِ بنو سَلِيْح بن حُلْوَان بن عِمْران بن الْحَاف بن قُضَاعَة. قال: فحَدَّثَني بعضُ ولد يَزِيد بن حُنَيْن الطَّائِيّ الأنْطاكِيّ، عن أشْيَاخِهِم، أنَّ جَمَاعةً من أهْل ذلك الحَاضِر أسْلَمُوا في خِلَافَة المَهْدِيّ، فكتَبَ على أيديهِم بالخُضْرة: قِنَّسْرِيْن.

ثُمَّ قال البَلاذُرِيّ (٢): وكان حَاضِر طَيِّء قديمًا، نَزَلُوه بعد حَرْب الفَسَاد الّتي كانت بينهم حتَّى نزل الجَبَلَيْن (٣) مَنْ نَزَلَ منهم، فتفرَّق باقُوهم في البِلادِ، فلمَّا وَرَدَ أبو عُبَيْدَة عليهم أسْلم بعضُهُم، وصَاعَ كَثِيْرٌ منهم على الجِزْيَة، ثمّ أسْلَمُوا بعد ذلك بيَسِير إلَّا مَن شَذَّ عن جَماعَتِهم.


(a) كذا بتشديد النون، ويجوز بالتخفيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>