للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عُمَر يُوسُف بن عَبْد الله بن مُحَمَّد بن عَبْد الله بن عَبْد البَرّ النَّمَرِيّ (١)، قال: حُجْر بن عَدِيّ بن الأدْبَر الكِنْدِيّ، يُكْنَى أبا عبد الرَّحْمن، كُوْفيٌّ، وهو حُجْرُ بن عَدِيّ بن مُعاوِيَة بن جَبَلَةَ بن الأدْبَر، وإنَّما سْمِّي الأدْبَر لأنَّهُ ضُرِبَ بالسَّيْف على أَلْيَتهِ، فسُمِّي بهذا: الأدْبَر.

كان حُجْر من فُضَلَاءِ الصَّحَابَةِ، وصَغُر سنُّهُ عن كبَارهم، وكان على كِنْدة يَوْم صِفِّيْن، وعلى المَيْسَرة يَوْم النَّهْرَوَان، ولمَّا وَلَّى مُعاوِيَةُ زيادًا العِرَاق وما وراءها، وأظْهَر من الغِلْظَة وسُوءِ السِّيْرَة ما أظْهَر، خَلَعَهُ حُجْر، ولم يَخْلعَ مُعاوِيَة، وتابَعَهُ جَمَاعَةٌ من أصْحَاب عليّ وشِيْعَته، وحَصَبَهُ يَوْمًا في تأخير الصَّلاة هو وأصْحَابهِ، فكَتَبَ فيه زِيَاد إلى مُعاوِيَةَ، فأمَرَهُ أنْ يَبْعَثَ به إليه فبَعَثَ بهِ إليهِ مع وَائِل بن حُجْر الحَضْرَميّ في اثْنَى عَشر رَجُلًا كُلّهم في الحَدِيدِ، فقَتَلَ مُعاوِيَةُ منهم ستَّةً، واسْتَحْيَا ستَّةً (٢).

وكان حُجْر ممَّن قُتِلَ، فبَلَغ ما صَنَعَ بهم زِيَاد إلى عائِشَة أُمّ المُؤْمِنِيْن، فبَعَثَتْ إلى مُعاوِيَة عبدَ الرَّحْمن بن الحَارِث بن هِشَام: الله اللهَ في حُجْر وأصْحَابهِ! فوَجَدَهُ عبد الرَّحْمن قد قُتِلَ هو وخَمْسة من أصْحَابهِ، فقال لمُعاوِيَةَ: أين عَزبَ عنك حِلْمُ أبي سُفْيانَ في حُجْرٍ وأصْحَابهِ، ألَا حَبَسْتَهُم في السُّجُون وعرَّضْتهم للطَّاعُون؟! قال: حين غَابَ عنِّي مثْلُكَ من قَوْمي! قال: والله لا تَعُدّ لكَ العَرَبُ حِلْمًا بعْدَها أبدًا ولا رَأيًا، قَتَلْتَ قَوْمًا بُعِثَ بهم إليك أُسَارَى من المُسْلمِيْن، قال: فما أصْنَعُ؟ كَتَبَ إليَّ فيهم زِيَادٌ يشُدُّ (a) أمْرَهُم، ويَذْكُر أنَّهم سَيَفْتقُون عليَّ فَتقًا لا يُرْقَع.


(a) الاستيعاب: يشدد.

<<  <  ج: ص:  >  >>