للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَعْشَر، قال: فاعْتَرَف به مُعاوِيَة وأمَّرَهُ على العِرَاقَيْن -يعني زِيَادًا- قال: فلمَّا قَدِمَ الكُوفَة دَعَا حُجْر بن الأدْبَر فقال: يا أبا عبد الرَّحْمن، كيف تَعْلَم حُبِّي لعليّ؟ قال: شَدِيْدًا، قال: فإنَّ ذاك قد انْسَلخ أجْمَع فصَار بُغْضًا، فلا تُكَلِّمني بشيءٍ أكْرَهُهُ (a)، فإنِّي أُحَذِّرُكَ، فكان إذا جاء إبَّانُ العَطَاءِ قال حُجْرٌ لزِيَادٍ: أخْرج العَطَاءَ فقد جاء إبَّاَنهُ (b)، فكان يُخْرجهُ، وكان لا يُنْكِر حُجْر شَيئًا منِ زِيَادٍ إلَّا ردَّهُ عليه، فخَرَج زِيَاد إلى البَصْرَة، واسْتَعْمَل على الكُوفَة عَمْرو بن حُرَيْث، فصَنَعَ عَمْرو شيئًا كَرهَهُ حُجْرٌ، فنَادَاهُ وهو على المِنْبَر، فردَّ عليه ما صنَعَهُ (c) وحَصَبَهُ هو وأصْحَابه، قال: فأبْرَدَ عَمْرو مكانَهُ بَريْدًا إلى زِيَاد، وكتَبَ إليه بما صَنعَ حُجْر، فلمَّا قَدِمَ البَرِيد على زِيَادٍ، نَدِمَ عَمْرو بن حُرَيْثٍ وخَشِيَ أنْ يكُون من سَطَواته ما يَكْره، وخرَج زِيَاد من البَصْرَة إلى الكُوفَة، فتلقَّاهُ عَمْرو بن حُريْث في بعض الطَّريق، فقال: إنَّهُ لَم يكُ شيء تَكْرههُ وجَعَل يُسَكِّنُهُ، فقال زياد: كَلَّا، والّذي نَفْسِي بيَدِه حتَّى آتيَ الكُوفَة فأنْظُر ماذا أصْنَعُ، فلمَّا قَدِمَ الكُوفَة سَألَ عَمْرًا عنِ البَيِّنَة، وسَألَ أهْل الكُوفَة، فشَهِدَ شُرَيْح في رجالٍ معه على أنَّهُ حَصَبَ عَمْرًا ورَدَّ عليه، فاجْتَمع حُجْرٌ وثلاثة آلاف من أهْلِ الكُوفَة، فلبسُوا السِّلاح وجَلَسُوا في المَسْجِد، فخَطَب زِيَادٌ النَّاسَ، وقال: يا أهْل الكُوفَة، ليَقُم كُلّ رَجُل منكم إلى سَفِيْهِهِ فليَأخُذْهُ، فجَعَل الرَّجُل يأتي ابنَ أخيهِ وابنَ عَمِّه وقَرِيْبَهُ فيقُول: قُمْ يا فُلَان، قُم يا فُلَان، حتَّى بقي حُجْرٌ في ثلاثين رَجُلًا، فدَعاهُ زِيَاد فقال: أبا عبد الرَّحْمن، قد نَهَيْتُكَ أنْ تُكَلِّمِني، وأنَّ لك عَهْدَ الله آَلَّا تُرَابَ بشيءٍ حتَّى تأتيَ أَمِير المُؤْمنِيْن وتُكَلِّمه، فرَضيَ بذلك حُجْرٌ، وخَرَجَ إلى مُعاوِيَةَ ومعه عشرون رَجُلًا من أصْحَابه، ومعه رُسل زِيَاد حتَّى نَزَلُوا مَرْج العَذْرَاء، فقال حُجْرٌ ما اسْم هذا المكان؟ قالوا: هذا مَرْجُ العَذْرَاء (d)، قال: أمَا واللهِ إنِّي لأوَّل خَلْقِ الله كَبَّرَ فيهِ.


(a) في عساكر: نكرهه.
(b) بعده عند ابن عساكر: "فقال: جاء إبانه".
(c) ابن عساكر: صنع.
(b) من قوله: "فقال حجر ما اسم … " إلى هنا ساقط من نشرة ابن عساكر.

<<  <  ج: ص:  >  >>