للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واحدةٍ منهُمَا مَسْجِدٌ جَامِعٌ تُقَام فيه الخُطْبَة. ونَهْرُ الأُرُنْط يحفُّ بِدُور المدينَتَين، ولم تكن قلعَتها بالحَصِيْنَة ولا المُخْتَارة، وخرَّبتها الزَّلْزَلَة سَنة اثْنتين وخمسين وخَمْسِمائَة، وكانت زَلْزَلَةً عَظِيمَةً هائلةً.

ولمَّا ملكَها تَقِيّ الدِّين عُمر ابن أخي السُّلْطَان المَلِك النَّاصِر حَصَّنَها وقَوَّاهَا، وجاءَ بعدَهُ وَلدُهُ المَلِك المنصُور مُحمَّد بن عُمَر فجدَّدَ أسْوار القَلْعَة، وبناها وشَيَّدَهَا وعَلَّاهَا، فصَارت من أحْسَن القِلَاع وأبْهَاها، ويَغْلِبُ على أهْلها العِلْم والأدَب، وقد عدَّها البِشَارِيّ (١) كما ذَكَرْناهُ (٢) من مُدُن حَلَب.

وقَرأتُ بِخَطِّ أبي طَاهِر السِّلَفِيّ، في رِسَالة أبي المُظَفَّر الليثِيّ، قال: ومنها - يعني من كَفَرْ طَاب - إلى حَمَاة، وهي مَدِينَة نَزِهَةٌ بُنِيَت على النَّهْر المَعْرُوف بالعَاصِي، وربَّما قيل لهُ المَقْلُوب، وعلى حافتي النَّهْر دَوَاليب يُسمِّيها أهلها الحَنَّانَات، ومن جُمْلَتها الحنَّانَة المَعْروفُة بأم الحَسَن، ويُقالُ: إنَّ فلكها أربعونَ ذِرَاعًا.

وقد ذكَرَها امرؤ القَيْس مع شَيْزَر في شِعْره كما ذَكَرْنا (٣)، وكذلك عُبَيْدُ الله بن قَيْس الرُّقَيَّات في قَوْله (٤): [من الطويل]

قِفُوا بِيَ أنْظُر نَحْوَ قَوْمِي نَظْرةً … فَلَم يَقِفِ الحادِي بنا (a) وتَغَشْمَرَا

فَواحَزَنا إذ فارَقونا وَجاوَزُوا … سِوى قَوْمِهِم أَعْلى حَمَاةَ وشَيْزَرا

وقال أحمد بن أبي يَعْقُوب بن وَاضِح الكَاتِب في ذِكْر حَمَاة (٥): وهي مَدِينَة قَدِيْمَةٌ، وعلى نَهْرٍ يُقالُ لهُ الأُرُنْط، وأهل هذه المَدِينَة قوْم من يَمَنٍ، والأغْلَب عليهم بَهْرَاء وتَنُوخ.


(a) الديوان: بها.

<<  <  ج: ص:  >  >>