يُقال هذا! وأنا كُنْتُ أعْلَمَ النَّاس بهذا في دار الدُّنْيا؟ فقالا لي: صَدَقْتَ؛ فنَم نَوْمَة العَرُوس لا بُؤْسَ عليك.
أنْبَأنَا أبو القَاسِم عَبْدُ الصَّمَد بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد طَاهِر بن سَهْل بن بِشْر، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر الخَطِيبُ (١)، قال: أخْبَرَني مُحَمَّدُ بن المُظَفَّر بن عليّ الدِّيْنَورِيّ المُقْرِئ، قال: حَدَّثَنَا إبْراهيم بن مُحَمَّد المُزكِّي ببَغْدَاد، قال: سَمِعْتُ أحْمَد بن مُحَمَّد الحِيْرِيّ المُزكِّي، قال: حَدَّثَني عَبْدُ الله بن الحارِث الصَّنْعانِيّ، قال: سَمِعْتُ حَوْثَرَة بن مُحَمَّد المِنْقَريّ البَصْرِيّ يَقُول: رأيتُ يَزِيد بن هَارُون الوَاسِطِيّ في المَنَام بعدَ مَوْته بأربع ليالٍ، فقُلتُ: ما فَعَلَ اللهُ بكَ؟ قال: تقبَّل منِّي الحَسَنات، وتَجَاوَز عنِّي السَّيِّئَات، ووَهَبَ لي التَّبِعات. قُلتُ: وما فَعَل بكَ بعد ذلكَ؟ قال: وهل يَكُون من الكَرِيْم إلَّا الكَرَم؟! غَفَر لي ذُنُوبي، وأدْخَلَني الجَنَّة. قُلتُ: بما نِلْتَ الّذي نِلْتَ؟ قال: بمَجَالِس الذِّكْر، وقَوْلي الحَقّ، وصِدْقي في الحَدِيْث، وطُوْل قيامي في الصَّلاةِ، وصَبْري على الفَقْر. قُلتُ: مُنْكَر ونَكِيْر حَقٌّ؟ قال: إيْ والله الّذي لا إلَه إلَّا الله إلَّا هو، لقد أقْعَدَاني وسَألَاني؛ فقالَا لي: مَنْ رَبُّكَ، وما دِيْنُكَ، ومَنْ نَبيُّكَ؟ فجَعَلْتُ انْفُضُ لحيَتي البَيْضَاءَ من التُّراب، فقُلتُ: مثْلي يُسْأل؟! أنا يَزِيد بن هَارُون الوَاسِطِيّ، وكُنتُ في دار الدُّنْيا ستِّين سَنَةً أُعِلِّمُ النَّاس! قال أحدُهما: صَدَقَ؛ هو يَزِيد بن هَارُون، نَمْ نَوْمَةَ العَرُوس، فلا رَوْعَةَ عليكَ بعد اليَوْم. قال أحدُهما: أكَتَبْتَ عن حَرِيْز بن عُثْمان؟ قُلتُ: نعم؛ وكانَ ثِقَةً في الحَدِيْث، قال: ثِقَةٌ ولكنَّه كان يُبْغِضُ عليًّا أبْغَضَهُ الله.
(١) شرف أصحاب الحديث للخطيب البغدادي ١٠٧ - ١٠٨، وأيضًا في تاريخ ابن عساكر ١٣: ٣٥١ - ٣٥٣.