لو كانَ يُحْسِنُ عِشْرَتي … لهلكْتُ عِنْدَ فِرَاقِهِ
وأنْشَدَني لنَفْسِه (١): [من السريع]
شَوْقي إليْكُم دُوْنَ أشْوَاقِكم … لنُكْتَةٍ (a) لا بُدّ ما تُشْرَحُ
لأنَّنى عن قَلْبكُم غَائِبٌ … وأنْتُم في القَلْب لن تَبْرَحُوا
سَمِعْتُ الشَّيْخ شَرَف الدِّين الحُسَين بن إبْراهيم بن الحُسَين الإرْبِلِيّ، قال: سَمِعْتُ العِمَاد المَحَلِّيّ يَقُول: النَّاسُ يَسْتَحْقرُونَ الفَلْسَ، والفَلْسُ يَنْتَفِع بهِ الإنْسانُ يَوْمًا، ويَنْتَفعُ به شَهْرًا، ويَنْتَفعُ به سَنَةً، ويَنتفِعُ به طُوْل العُمُر، أمَّا مَنْفَعَتُهُ اليَوْم فيَشْتَري به حِمَّصًا يَأكُلُهُ، فيَكْفيهِ لقُوْت يَوْمِهِ، وأنا أكْتَفي بهِ، وأمَّا مَنْفَعَتُه شَهْرًا فيَشْتَري به باقَةَ كِبْرِيت يَنْتَفِعُ بها جَمِيعَ الشَّهْر، وأمَّا مَنْفَعَتُهُ سَنةً فيَشْتَري به إبْرَةً يَخيْطُ بها سَنَةً، وأمَّا مَنْفعَتُهُ لجميع العُمر فيَشْتَري به مِسْمَارًا يَضْرِبُه في الحائطِ ويَنْتَفعُ به طُولَ عُمُره.
وكان مُموّلًا رَحِمَهُ اللّهُ، ويُحْكَى عنه حِكَايَات في البُخْل كان يَتَنادَرُ بها، وكان يَقْرض من ماله مَنْ يَحْتاجُ إلى القَرْض من غير فَائِدَةٍ، ويَصْبر بمالِهِ على المُعْسِر ويُنْظِرهُ.
وبَلَغَني أنَّ العِمَاد حُسَام بن غُزِّي المَحَلِّيّ تُوفِّي بدِمَشْقَ في شَهْر رَبِيع الآخر من سَنَة تِسْعٍ وعشرين وسِتّمائة في لَيْلَة الأرْبَعَاء عاشِر الشَّهْر المَذْكُور، ودُفِن بمَقَابِر الصُّوْفيَّةِ خارج باب النَّصْرِ.
==
(a) في البداية والنهاية: لكن لا بد أن، المقفى: لكنه.
(١) البيتان في البداية والنهاية ١٣: ١٣٤، والمقفى ٣: ٢٧٢.