للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العبَّاسيّ الدِّمَشقِيّ، وقَدِمَ حلَبَ وقال عند مَسِيره إليها، ونَقَلتُها من دِيْوان شِعْره (١): [من البسيط]

ذَرِ المقامَ إذا ما سَاءَكَ الطَّلَبُ … وسِرْ فعزمُكَ فيهِ الحَزْمُ والأَرَبُ

لا تقعُدَنَّ بأرْضٍ قد عُرِفْتَ بها … فليسَ تقطَعُ في أَغْمادها القُضُبُ

ألَم تكُن لكَ أرْضُ الله وَاسِعَةً … إنْ أقْفَرَتْ جِلَّقٌ ما أقْفَرَتْ حَلَبُ

ولمَّا كان بحَلَب، عَبَرَ على قَوْم يَرْتَمُونَ بالحِجَارَة، فضَرَبَهُ حَجَرٌ طَائِحٌ في عَيْنهِ فقلَعَها، وعاد إلى دِمَشْق مُخلًّا، فقال (٢): [من الطويل]

جَفَانِي صَدِيْقي حين أصْبَحْتُ مُعْدمًا … وأَخَّرني دَهْري وكُنْتُ مُقَدَّما

وسَافَرْتُ جَهْلًا فانْعَوَرْتُ وإنْ أَعُدْ … إلى سَفْرَة أُخْرى قدمتُ على العَمَى

وكَم من طَبِيْبٍ قال تَبْرَا أَجَبْتُهُ … كَذَبْتَ ولو كُنْتَ المَسِيْحَ ابن مَرْيمَا

اسْتَغْفِرُ الله من قَوْل مثْل هذا الكَلَام لِمَا فيه من التَّنْقُّص بالمَسِيْح عليه السَّلام.

سَمِعْتُ شَيْخنا الصَّاحِب قاضِي القُضَاةِ أبا المَحَاسِن يُوسف بن رَافِع بن تميْم يَقُول: كان العَرْقَلَة صَاحِبَ نَادِرَة، وكان طَيِّبًا، وكان السُّلْطان المَلِك النَّاصِر يَضْحَكُ منه، ومَدَحَهُ قَديْمًا قبل أنْ يَلي مِصْرَ وبَشَّرَهُ في القَصِيدَة بأخْذه مِصْر، فوَعَدَهُ إنْ صَارَتْ إليه أنْ يُعْطيَهُ ألفَ دِيْنارٍ، فلمَّا وَلي مِصْر جاءهُ العَرْقَلَةُ وامْتَدَحهُ بقَصِيْدَتهِ الرَّائِيَّةِ الّتي يقُول فيها مُقْتَضيًا ما وَعَدهُ به (٣): [من البسيط]

يا ألْفَ مَوْلايَ أينَ الألفُ دِيْنارِ


= وديوان شعره مطبوع بتحقيق أحمد الجندي (دار صادر، ١٩٩٢ م)، وعليه مستدرك وتصويبات لمحمود عبد الله أبي الخير بعنوان: "المستدرك على ديوان عرقلة الكلبي ومزالق الاعتماد على نسخة واحدة في التحقيق"، مجلة دراسات، الجامعة الأردنية، ج ٣٣، ع ٣، ٢٠٠٦ م، ص ٥٦٩ - ٥٩٠.
(١) ديوان عرقلة ١١، والبيتان الأول والثاني في الخريدة ١١: ١٨٦.
(٢) ديوان عرقلة ٩٣، الأبيات في الوافي بالوفيات ١١: ٣٦٦.
(٣) وهر عجز بيت وصدره: قل للصَّلاح مُعيني عند إعساري.

<<  <  ج: ص:  >  >>