للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أخْبَرَني شِهَاب الدِّين أحْمَد بن مُدْرِك بن سَعيد بن مُدْرِك بن عليّ بن سُلَيمان، أبو المَعَالِي قاضي مَعَرَّة النُّعْمَان يَأْثِرهُ عن المَعَرِّيِّيْن، قالوا: كان النَّاظِرُ والوَامِقُ وابن الدُّوَيْدَة أضَافُوا قاضي حِمْص، فأنْزَلَهم بحِمْص بمكانٍ يَخْتصُّ به، وأمَرَ مَنْ يأتيهم بما يَسْتَدْعُونه من الضِّيَافَة، فأحْضَر لهم ما طَلبُوه حتَّى الشَّرَاب، وأحْضَر لهم فُرشًا نامُوا فيها، فبَالُوا في الفُرش، وأصْبَحُوا خَجِليْن من القَاضِي أنْ يبلُغَه ذلك، فأنْشَأ النَّاظِرُ فقال: [من الخفيف]

لا تَلُمْنَا ولُمْ شَرَابكَ واصْفَحْ … يا مُعَرًّى من كُلِّ عَيْبٍ ونَقْصِ

فقال الوَامِق:

أنْتَ أصْلُ الفَسَادِ والذَّنْبُ للخَيَّـ … ـاطِ عندَ التَّفْصِيْل لا للمِقَصِّ

فقال ابنُ الدُّوَيْدَة:

وإذا نحنُ في الحَقَائق عُدْنا … فَهْيَ خَمْرٌ ونحنُ في أرْض حِمْصِ

وأخْبَرَني غيرُ قاضي المَعَرَّة من المَعَرِّيِّيْن أنَّ قاضي حِمْصَ حَضَر عندَهُم، وهُمْ على تلك الحالِ ليُشَاهِدَ أَدَبَهم، فحملهُم السُّكْر على أنْ كَلَّمُوه بكَلامٍ قَبِيْح، فعَملُوا هذه الأبْيَات اعْتِذَارًا إليهِ، واللَّهُ أعْلَمُ.

وقيل إنَّ قاضي حِمْص المُشَار إليه هو ابنُ مَهْدِي، وقد ذَكَرْنا ذلك بإسْنَادٍ آخر في تَرْجَمَةِ أبي الحُسَين أحْمَد بن مُحَمَّد بن الدُّوَيْدَة (١).

وَقَعَتْ إليَّ أبياتٌ بخَطِّ الوَامِق من شِعْره، كَتَبَ بها إلى أبي مُحَمَّد عَبْدِ اللَّه بن مُحَمَّد بن عَبْدِ اللَّه المَعَرِّيّ، قاضي مَعَرَّة النُّعْمَان، يَسْتَشْفِعُ به إلى عَبْدِ


(١) في الأجزاء الضائعة من الكتاب.

<<  <  ج: ص:  >  >>