للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثُمَّ لمَّا كانت سنَةُ أربعٍ وتِسْعِين ومائة بَني أبو سُلَيْم فَرَج الخَادِم أذَنَة، فأحْكمَ بناءَها وحَصَّنها، ونَدَبَ إليها رِجَالًا من أهل خُرَاسَانَ وغيرهم على زِيَادةٍ في العَطاءِ، وذلكَ بأمْرِ مُحَمَّد بن الرَّشِيدِ، ورَمَّ قَصْر سَيْحَان، وكان الرَّشِيدُ، رَحْمةُ الله عليه، تُوُفِّي سَنَة ثلاثٍ وتِسْعِين ومائَة، وعَامِلُهُ على أعْشَارِ الثُّغُور أبو سُلَيْم، فأقَرَّهُ مُحَمَّد، وأبو سُلَيْم هذا هو صَاحب الدَّار بأَنْطاكِيَة.

قُلتُ: وهذا أبو سُلَيْم قَدِمَ الثُّغُور في أيَّام المَهْدِيِّ هو وغيره من الخَدَم، وسكنُوهَا رَغْبَةً في الجِهادِ، وكانوا من أوْلاد المُلُوك بخُرَاسَان، ولِخِصَائهم سَبَبٌ أنا ذاكرهُ، ونَقَلْتُهُ من خَطِّ أبي عَمْرو عُثْمان بن عَبْد الله الطَّرَسُوسيِّ قال: سَمِعْتُ أبا نَصْر مُحَمَّد بن أحمد بن الحَمَّال، قبل أنْ يُصِيبَهُ ما أصَابَهُ، يقول: سَمِعْتُ أبا حَفْص (a)، يقول: سَمِعتُ أبا حَفْصٍ عُمَر بن سُلَيمان الشَّرَابِيِّ (b)، يقول: سَمِعْتُ أبا العبَّاس بن المُعْتز باللهِ، يقول: ورَدَت الكُتُب من خُرَاسَان في أيَّام أبي جَعْفَر المنصُور: أنَّ قَوْمًا من أبناءَ وجُوهِ خُرَاسَان منَعُوا جانبَهم، وقُدِرَ عليهم، والْتُمِس إذْنُ المَنْصُور فيهم، فأَلْفى ورُود الكتابِ أبا جَعْفَر حَاجًّا، وتُوُفِّي في طريقهِ ذاكَ، واسْتُخلف المَهْدِيُّ، فعُرِضَ عليهِ الكتاب، فأمرَ بكَتْب الجَواب عَنْهُ، وأنْ يُحْصَى أولئكَ الأبناء فيُعمل في بابهم ما يَعُود بالصَّلَاح، فَسَقَط من


(a) كذا في الأصل، ولعله تكرار، أو يكون وجده هكذا في كتاب الطرسوسي فنقله، إذ لم يرد فيمن يروي عن الشَّرابيّ من يكنى أبا حفص.
(b) في الأصل: ابن الشرابي، والصواب المثبت حسبما يرد يما بعد في نقل آخر أثبته ابن العديم عن أبي عمرو الطرسوسي، فقد كان مولى للمعتز بالله وشرابيًا لابنه عبد الله، وترجم له ابن العديم - حسبما يذكر يما بعد - وسقطت ترجمته في الضائع من كتابه.

<<  <  ج: ص:  >  >>