للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العَرَبِيَّة واللُّغَة طَرَفٌ حَسَنٌ، وله شِعْرٌ حَسَنٌ ورَسَائِل، وكان جَمِيل الصُّورَة، دَيِّنًا، حُلو الحَدِيْث، لَبِق الرِّئَاسَة، سَيَّرهُ المَلِكُ الظَّاهِر غَازِي رَسُولًا إلى أماكن مُتَعدِّدة.

سَمِعَ بحَلَب مُحَمَّد بن أسْعَد الجَوَّانِيّ النَّسَّابَة، وشَيْخنا أبا المَحَاسِن يُوسُف بن رَافِع بن تَمِيْم، وغيرهما، وحَاضَرْتُه كَثِيْرًا، ولَم أكْتُب عنه شيئًا.

وأخْبَرَني ولدُه عليّ، النَّقِيْبُ بَعْدهُ، أنَّ ولادتَهُ بحَلَب سَنَة أرْبعٍ وسِتِّين وخَمْسِمائَة.

ومن شِعْره ما قالَهُ وقد نَزَل بالمَعْشُوق مُقابل سُرَّ مَنْ رَأى، وكان قد حَجَّ في تلك السَّنَة، وأنْشَدنيها وَلده عليّ عنهُ (١): [من الخفيف]

قد رَأيْتُ المَعْشُوقَ وَهْوَ من الهَجْـ … ـــرِ بحَالٍ تَنْبُو النَّوَاظِرُ عَنْهُ

أثَّرَ الدَّهْرُ فيهِ آثار سَوْءٍ … وأَدَالَتْ يَدُ الحَوَادِثِ مِنْهُ

عَادَ مُسْتَبْذَلًا ومُسْتَبْدِلًا عـ … ــزًّا بذُلٍّ كأنَّهُ لم يَصُنْهُ

وأنْشَدَني أيضًا قال: أنْشَدَني أبي لنَفْسِه وقد نَزَل بحَاجِر (٢): [من المنسرح]

مَنْ شَاقَهُ حَاجِرٌ وبقعَتُها … فلَسْتُ أشْتَاقُ حَاجِرًا أبَدَا

ولا زَرُوْدًا والثَّعْلَبِيَّة والـ … ــجَفْرَ ونَجْدًا وذلكَ البَلَدَا

فَلا سَقَى حَيَّهَا ولا جِيْدَ مَغْـ … ـــنَاها وأضْحَتْ طَرَائقًا قِدَدَا

تُوفِّي الشَّريفُ النَّقِيْبُ أبو عليّ الحَسَنُ بن زُهْرَة في جُمَادَى الأُوْلَى من سَنَة عشرين وستمائة بعد وُصُوله من الحَجِّ، ودُفِنَ بسَفْح جَبَل جَوْشَنَ، وحَضرْتُ دَفْنَهُ والصَّلاةَ عليه.


(١) الأبيات الثلاثة في البداية والنهاية ١٣: ١٠٣، وعقد الجمان ٤: ٩٦.
(٢) الحاجر: منزل من منازل الحاج بطريق مكة على درب زبيدة، يقع قبل معدن النقرة. ابن خرداذبة: المسالك ١٢٧، البكري: معجم ما استعجم ١: ٤١٦ - ٤١٧، ياقوت: معجم البلدان ٣: ٣٠٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>