للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قد تَوَجَّه من المَوْصِل (a) إلى دار الخِلَافَة مِرَار [ا]، ووَجَد برِّها (b) وكَرَامتها على الأغْيَار إبْرَارًا، وأقْبَل عليه الوَزِير الهُبَيْرِيّ لشَغَفه بأمْثَاله من أهْلِ الفَضْل، وعَاد نجيْح السَّعْي مَوْفُور المَحَلّ.

أنْشَدَني لنَفْسِه من قَصِيدَة وازَنَ بها قَصِيدَةً لي نَظَمْتُها في ابن هُبَيْرَة الوَزِير (١): [من الكامل]

أهْدَى إلى جِسْمي (c) الضَّنَى فأعَلَّهُ … وعَسَى يرقّ لعَبْدِه ولعَلَّهُ

ما كُنْتُ أحْسبُ أنَّ عَقْدَ تَجَلُّدِي … يَنْحَلُّ بالهِجْرَان حتَّى حَلَّهُ

يا وَيْحَ قَلْبي أين أطْلبُهُ وقد … نَادَى به دَاعِي الهَوَى فأضَلَّهُ

إنْ لَم تَجدُ بالعَطْف منه على الّذي … قد ذَاب من بَرْح الغَرَام فَمْنْ لَهُ

وأشَدُّ ما يَلْقَاهُ من ألَم الهَوَى … قَوْلُ العَوَاذِل أنَّهُ قد مَلَّهُ

قال العِمَاد (٢): وعَتِب عليَّ ونحنُ بدِمَشْق مُتَجَنِّيًا، وضَنَّ بمُوَاصَلَته مُتَظَنِّيًا؛ فإنَّهُ كان يَسْتَشِيطُ من كُلّ كَلمة فيها قَاع (٣)، حتَّى يَغْضَبَ من ذكْر الفُقّاعَ، فعُمِلَتْ أبياتٌ لا يَخْلُو بَيْتٌ فيها من هذه اللَّفْظَة، في مَعَان حِكَمِيَّةَ ليسَ فيها ذِكْره (d)، وكانت تُنْشَدُ وهو يَغْضَبُ ويَحْرَدُ، ونَسَبَها مَنْ أراد إغْرَاءَهُ بي إليَّ، فعَتَب لأجْل ذلك عليَّ، وكَتَبْتُ إليه: [من المنسرح]

لا أوْحَشَ اللَّهُ منكَ يا عَلَم الدِّ … يْن نَدِيَّ الكِرَام والفُضَلَا

أَعَنْ قِلًى ذا الصُّدُود أم مَلَلٍ … حَاشَى العُلَى مَلَالةٍ وقِلَى

هَلْ حَالةٌ (e) في العُلَى لرَبِّ عُلى … إنْ يَغْتَدي هَاجِرًا لرَبّ عُلَى


(a) في الخريدة: من الموصل سفيرًا.
(b) الخريدة: ببرها.
(c) الخريدة: جسدي.
(d) الخريدة: ذكر.
(e) الخريدة: جائز.

<<  <  ج: ص:  >  >>