للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال أحمد بن أبي يَعْقُوب بن وَاضِح الكاتب في كتابهِ، بعد ذِكْر المِصِّيْصَة وأَذَنَة وطَرَسُوس (١): وللثُّغُور الشَّامِيَّة - غير هذه الثَّلاث المُدُن الّتي قد ذكرْناها -: مَدِينَةُ عَيْن زُرْبَةَ، والهَارُوْنِيَّة، والكَنِيْسَة المُحْترِقة. بَني عَيْن زُرْبَة أَمِيِر المُؤمِنِين ابن المنصُور وأتْقَنَهَا، وبَني الهَارُونِيَّةَ الرَّشِيدُ في أيَّام المَهْدِيِّ، وهو ولي عَهْدٍ، وبَنى الكَنِيْسَة المُحتَرِقة الرَّشِيدُ أيضًا.

ونَقَلْتُ من خَطِّ بَنُوْسَة، في كتاب البُلْدان للبَلاذُرِيّ (٢)، ممَّا حَكَاهُ عن شُيُوخه من أهل الشَّام، قالوا: وكانت الكَنِيْسَة السَّوْدَاء من حِجَارَة سُوْد بناهَا الرُّوم على وَجْهِ الدَّهْر (a)، ولها حِصْنٌ قديم، أُخْرِبَ فيما أُخْرِب، فأمرَ الرَّشِيدُ ببناءِ مَدِينَة الكَنِيْسَة السَّوداءِ وتَحْصِيْنها، ونَدَبَ إليها المُقَاتِلَةَ في زِيَادةِ العَطَاءِ.

قال (٣): وأخْبَرَني بعضُ أهْلِ الثَّغْر وعَزَّانُ (b) بن سَعْدٍ: أنَّ الرُّوم أغَارت عليها، والقَاسِم بن الرَّشِيد مقيم بدَابِق، فاسْتاقُوا مَواشِي أهْلِها، وأَسَرُوا عدَّةً منهم، فنَفَرَ إليهم أهْلُ المِصِّيْصَة وَمُطَّوِّعَتُها، فاسْتَنْقَذُوا جميعَ ما صَار إليهِم، وقتَلوا منهم بَشَرًا كَثِيرًا، ورجَعَ الباقونَ منكُوبين مَفْلُولينَ، فوَجَّه القَاسِم منْ حَصَّنَ المَدِينَة، وَرَمَّها، وزادَ في شِحْنَتها.

قلتُ: وهذه المَدِينَة هي الآن أيضًا في أيْدِي الأرْمَن، خَذَلَهُم اللهُ (c).


(a) كتبها في الأصل: "الأرض"، ثم ضبب عليها.
(b) هكذا مضبوطًا في الأصل، والذي في نشرة الفتوح: عَزُّون، وذكره البلاذري بهذا الرسم أيضًا في كتابه أنساب الأشراف ١/ ٣: ٢٧١ وسمى أباه: سعد بن نصر.
(c) ترك المؤلِّف ثلثي الصفحة بعده بياضًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>