للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان يَرْكب من هذه الدَّار إلى الجِهاد في سَبِيل اللهِ مائةٌ وخمسُونَ غُلامًا بجَنَائِبهم (١) ومَنْ ضَامَّهُم، ويَرُوسَهُم (٢) رَجُلٌ منهُم على رأْسِهِ مَطَارِد تُعْرَف بهم، متى احْتيج إليهم في الغَزْو، لسَاقَةٍ أو مَيْمَنَة أو مَيْسَرة، أو في تجرِيد لحَادِثةٍ، سَدُّوا أكبر مَسدّ، وقُوفُهم بأرْضِ الثَّغْر وأعْمال أَنْطاكِيَة وحَلَب معْرُوفة مَشهُورة، وارْتفاعُها في السَّنَة الواحدة مائة ألف دِيْنار، يَسْتغرقها (a) الإنْفاق، وربَّما اقترضُوا إنْ تَعَذَّر وَجْهُ مالِهم، ورَدُّوه عند حُصُولهِ.

قال: وأمَّا شارع باب الصَّفْصَاف، ففيه دَار قَبِيْحَة أُمّ المُعْتَزِّ باللهِ رَحمهما اللهُ، قد بُنيت حُجَرًا مُقَدَّرة لسُكْنى مائة وخَمسين غُلامًا؛ في كُلِّ حُجرة منها بيتان ومُرْتَفَق، وبرَسْمِ هذا الوَقْف رئيسٌ يَرْكب هؤلاء الغِلْمَان برُكُوبه، ويَسِيْرُون بسَيْره، يُنْشَر على رأسهِ مِطْرَدٌ وأعْلَامٌ كتابَتُها: المُعْتَزّ بالله، وكذلك شعارهُم إذا سَافَرُوا وغَزَوا في بَلَدِ الرُّوَم وغيره.

قال: وللدَّار خِزَانَةٌ للسِّلاح، تُظْهر في أيَّام الأعْيَادِ، وعندَ ورُودِ الرُّسُل من الرُّوم، فيها الدُّرُوع الحَصِيْنَةُ تَسْترُ الفَارِسَ والفَرَسَ، والعَمَد المُذْهَبَة، والجَوَاشِن التُّبَّنِيَّة (b)، والخُوَذ المَنِيْعَة، ومن الأسْلِحة كُلّ نوع، يَحْملُ كُلّ غُلام ما يُعانِي العَمَلَ به، وبرَسْم هذه الدَّار مُؤَدِّب لا يُدْخِل مكتَبَهُ أحَدًا، إلَّا أولاد مَوَالِي المُعْتَزّ بالله، والرَّئِيس على مَوَالِي المُعْتَزّ من المَوَالِي مَنْ وجَدُوه مَذْكُورًا فَارِسًا رَئيسًا مُقدَّمًا، فإنْ تعذَّر مَنْ هذه صُورتَهُ من المَوَالِي، نُصبَ لهم رئيس من قُوَّادِ طَرَسُوس ووجُوهها،


(a) مهملة الأول في الأصل.
(b) مهملة الأول في الأصل، والتراس التُّبنيَّة - كاللمطيَّة - يُضرب بها المثل في الجودة، ولم أتحقق من نسبتها. انظر: الطبري: تاريخ الرسل ٩: ٢٦٩، القلقشندي: صبح الأعشى ٤: ٤٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>