للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَرَأتُ في كتاب عُنْوَان السِّيَر في مَحَاسِن أهْلِ البَدْو والحَضَر، تأليفُ أبي الحَسَن مُحَمَّد بن عَبْد المَلِك الهَمَذَانيّ (١): أَبو العَشَائِر ابن حَمْدَان، وهو القَائِلُ: [من الطويل]

وما سرَّ قَلْبي منذُ شَطَّتْ بكَ النَّوَى … أنيْسٌ ولا كأسٌ ولا مُتَصَرَّفُ

وما ذقْتُ طَعْمَ الماءِ إلَّا وَجَدْتُهُ … كأنْ لَيْسَ بالماءِ الّذي كُنْتُ أعْرفُ

ولَمْ أَشْهَدِ اللَّذَّاتِ إلَّا تكَلُّفًا … وأيّ سُرُورٍ يَقْتَضِيْهِ التَّكَلُّفُ

قال ابنُ الهَمَذَانيّ (٢): ولمَّا خَرَج الحَاجُّ في زَمَن المُكْتَفِي، كان معهم أبو العَشَائِر في حَمْدَان، فظَفر بهم زَكْرُوَيْه بن مَهْرُوَيْه القِرْمِطِيّ، فقَطَعَ يَدَي أبي العَشَائِر ورِجْلَيْهِ بزُبَالَة (٣).

ثُمَّ قال ابنُ الهَمَذَانيّ (٤) بعد ذلك: وأخَذَ الرُّومُ حَلَبَ، وقَتَلُوا أبا العَشَائِر وإخْوته في سَنَة إحْدَى وخَمْسِين وثَلاثِمائة.

وهذا خَطَأٌ من ابن الهَمَذَانيّ فيما ذَكَرهُ أوَّلًا وثانيًا؛ فإنَّ أبا العَشَائِر تُوفِّي أسِيْرًا في يد الرُّوم بالقُسْطَنطِيْنيَّة في سَنَة اثْنَتَيْن أو ثلاث وخَمْسِين.

وقَرَأتُ في كتاب أبي الحَسَن عليّ بن الحُسَين الدَّيْلَمِيّ في أخْبَار سَيْفِ الدَّوْلَة (٥)، قال: واجْتَمع في البلَاط بالقُسْطَنْطِينِيَّة من الأُسَارَى الحَمْدَانِيَّة نحو ثَمانمائة رَجُل منهم: أبو العَشَائِر، وأبو فِرَاس، ومُحَمَّد ابن ناصِر الدَّوْلَة، وذكَرَ جَمَاعَةً، وقال: وفَادَى - يعني سَيْف الدَّوْلَةِ - بأبي فِرَاس وأبي العَشَائِر ورقطَاش وغيرهم، يعني سَنَة أرْبَعٍ وخَمْسِين.

وهذا وَهْمٌ من أبي الحَسَن الدَّيْلَمِيّ؛ فإنَّ أبا العَشَائِر تُوفِّي بالقُسْطَنْطِينِيَّة في


(١) قطع تاريخية من كتاب عنوان السير ١١٧.
(٢) قطع تاريخية ١١٧ - ١١٨.
(٣) زُبَالَة: منزل معروف من منازل الحج بطريق مكة من الكوفة، وهي قرية عامرة بن واقصة والثعلبية.
ياقوت: معجم البلدان ٣: ١٢٩.
(٤) قطع تاريخية ١١٨.
(٥) تقدم التعريف بالكتاب في الجزء الثاني.

<<  <  ج: ص:  >  >>