للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسَلَك المَذْهَب المُذْهَبَ، وأبدَعَ المَعنَى المُهَذَّب (a)، وله مُعْجِزُ البَلَاغَةِ المُعْجب، ومُعْرِبُ الفَصَاحَةِ المُغربُ.

وشعْرُهُ عَبَر الشّعْرَى العَبُورَ (b) عُلوَّ عبَارَة، وسُمُوَّ اسْتِعَارَة، وسُمُوق رَايَة، وشُرُوقَ آية، وتَنَاسُقَ مَقصَد وغَاية، وتَنَاسب بِدايةٍ ونِهايَة. وأمَّا نَثرهُ؛ فنَثرَهُ الدَّرَارِي ونَثر الدُّرَر، ومَنْثُور الزّهَر.

وأمَّا خَلَائِقهُ؛ فمَطُورةُ على الكَرَم، مَوْفُورة بحُسْنِ الشِّيَم، مُتأرِّجَةُ بعَرْف العُرْفِ، مُتَمَوِّجَة (c) بماءِ اللُّطْفِ، مُتَبلِجَةٌ بنُوْرِ الظَّرْف، مُتَوَهِّجَةُ بنار الحُسنِ، مُبْهِجَة بنَوْر اليُمن.

حدَّثني الإمَامُ الأدِب (d) مُحَمَّد بن الهَيْثَمِ بأصبَهَان عنه؛ وهو الّذي سَمِعْتُ شِعْرَهُ منه، أنَّهُ كَشَف بذكَائهِ سِرَّ الكِيْمِيَاء المَرْمُوز، وعَدِم من عَرُوسِ صَنْعَتهِ النُّشُوز، واسْتَخْرَج من مُعَمَّاهُ الكُنُوز، لم يزل مُدَّة حَيَاته مُصَدَّرًا في الدُّسُوت، مُوَقَّرًا (c) بالنُّعُوت، حَلِيْفًا بل جَليْسًا أَنِيْسًا (٣) للسَّلَاطين والمُلُوك، مُحبِّرًا بنَظْمِه ونثرِه الوَشي المَحُوك، فلمَّا انتَهَت الأيَّامُ الغِيَاثيَّةُ المُحَمَّديَّةُ، واسْتَوْفَتْ مُدَّتَها، اسْتأنَفَت الدَّوْلَةُ المُغِيْثيَّةُ (g) المَحمُودِيَّةُ جِدَّتَها، واسْتَقَرَّ الشِّهَابُ أَسْعَدَ في مَكانِه، وانتصَب في مَنْصِب دِيْوَانهِ.

وكان السُّلْطانُ مَسْعُود بن مُحَمَّد مَلِكًا صَغِيرًا، فاسْتَوزَر أبا إسْمَاعِيْل، ورَوَّضَ به رَوْضَ مُلكِهِ المُحيْل، وأصْبَحَ بالمُؤيَّد مُؤيَّدًا، وبسَدَادِهِ مُسَدَّدًا حتَّى اتَّفقَتْ بينَهُ وبينَ أخيهِ السُّلْطان مَحمُود الحَرْبُ الّتي أودَعَتْ أهْلَ الفَضْل الحَرَبَ، وفَلَّت العِلْم والأدَب، ولمَّا مَسَّ عُوْدَ مَسْعُود العَجْمُ انْكَسَرَ وأحجَم مُقَدَّم جُيُوشهِ جُيُوشْبَك (h)، وألقَى قِنَاع (i) الهَزِيمَة وانْحَسَر، وأُدْرِكَ الأُسْتَاذُ رحِمَهُ اللّهُ فأُسِر، وطَغى رأي


(a) الخريدة: المذهب.
(b) ليست في الخريدة.
(c) الخريدة: متوَّجة.
(d) ليست في الخريدة.
(e) الخريدة: موفَّرًا.
(f) الخريدة: بل أنيسًا.
(g) الخريدة: المعينية.
(h) الخريدة: جوشبك.
(i) الخريدة: قناع.

<<  <  ج: ص:  >  >>