للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَقَلْتُ من خَطِّ ابن صَاعِدٍ الكَاتِب ما ذَكَرَ أنَّهُ نَقَلَهُ من خَطِّ الوَزِير أبي القَاسِم ابن المَغْرِبيّ، قال: ولجَدِّي أبي القَاسِم الحُسَين بن عليّ رَضِيَ اللهُ عنهُ: [من الرمل]

إنَّ شَكْوَى المَرْءِ فيما نَابَهُ … خَوَرٌ في نفْسِهِ ممَّا نَزَلْ

واطِّرَاح الفِكْرِ في دَفْعِ الأَذَى … خوَرٌ في عَقْلِ مَنْ عنهُ عَدَلْ

فَانْفِ عنكَ الهَمَّ بالعَزْمِ وَدَعَ … عَقْلَكَ الجَمَّ مُعَدّاً للحِيَلْ

قَرَأتُ في رِسَالَةٍ من رَسَائِل الوَزِير أبي القَاسِم الحُسَين بن عليّ بن الحُسَين بن عليّ، ذَكَرَ فيها أنَّ أصْلَهُ من البَصْرَة، وانْتَقَلَ سَلَفُه عنها في فِتْنَة البَرِيْدِيِّيْن، قال (١): وكان جَدُّ أبي، وهو أبو الحَسَن عليّ في مُحَمَّد يَخْلُفُ على دِيْوَانِ المَغْرب، فنُسِبَ به إلى المَغْرِبيّ، ووُلد له جَدِّي الأدْنَى ببَغْدَاد في سُوق العَطَشِ، ونَشَأ وتقَلَّدَ أعْمَالاً كَثِيْرةً، منها تَدْبِير مُحَمَّد بن يَاقُوت عند اسْتِيْلائهِ على أمْر (a) المَمْلَكَة، وكان خَالُ أبي، وهو أبو عليّ هَارُون بن عَبْدِ العَزِيْز الأوَارْجِيّ المَعْرُوف الّذي مَدَحَهُ المُتَنَبِّي مُتَحقِّقاً بصُحْبَة أبي بَكْر مُحَمَّد بن رَائِق، فلمَّا لحَقَ ابن رَائِقٍ ما لَحِقَهُ بالمَوْصِل، سَارَ جَدِّي وخالُ أبي إلى الشَّام، والْتَقَيا بالإخْشِيْذِ (b)، وأقام وَالدِي وعَمِّي رَحِمَهُما اللهُ بمَدِينَةِ السَّلام، وهُما حَدَثان إلى أنْ تَوَطَّدَتْ أقْدام شُيُوخهما بتلك البِلادِ، وأنْفَذ الإخْشِيْذُ غُلَامَهُ المَعْرُوفَ بفَاتِكٍ المَجْنُون المَمْدُوحَ المَشْهُور، فَحَمَلهُما ومَنْ يَليهما إلى الرَّحْبَةِ، وسَارَ بهما على طَرِيق الشَّام إلى مِصْر، وأقَامَت الجَمَاعَةُ هناك إلى أنْ تَجَدَّدَتْ قُوَّةُ المُسْتَولِي على مِصْر، فانْتَقَلُوا بكُلِّيَّتهم وحَصَلُوا في حَيِّزِ سَيْفِ الدَّوْلَة أبي الحَسَن عليّ بن حَمْدَان مُدَّة حَيَاته، واسْتَولَى جَدِّي على أمْره اسْتِيْلَاءً تَشْهَدُ بهِ مَدَائِح لأبي


(a) قوله: "على أمر" مكررة في الأصل.
(b) في الأصل: بالدال المهملة، ويرد في تاليه بالمعجمة.

<<  <  ج: ص:  >  >>