التَّنُوخِيّ المَعَرِّيّ، إحْديهما قَوْله: [من الطويل]
تَجَدَّدَ حُزْني بعدما كان قد مَضَى … بقَائِلةٍ إنَّ المُهَذَّبَ قد مَضَى
كِريمٌ غَدَا في كُلِّ قَلْبٍ مُحبَّبًا … إذا ما سِوَاهُ كان فيهِ مُبَغَّضَا
به كان رُكْنُ المَكْرُماتِ مُشَيَّدًا … فغيرُ عَجِيْبٍ إنْ عَفَا وتَقَوَّضَا
يُحَرِّضُنِي قَوْمٌ على الحُزْن بَعْدَهُ … ولَسْتُ مُحْتاجٍ إلى أنْ أحَرَّضَا
وقد أمرَضَتْي الحادِثاتُ لفَقْدِهِ … فتَاللهِ لا أنْفَكُّ ما عشْتُ مُمْرضا
فلا يَكُ إنْسَانٌ حَلِيْفَ رضىً به … ففي مثل هذا الخَطْب لا يَحْسُنُ الرِّضَى
وأَقْرَضَني دَهْري أسىً وصَبَابةً … فيا ليْتَهُ اسْتَوْفَى الّذي كان أقْرَضَا
أَيُومِضُ بَرْقُ الجُوْد بعد مُهَذَّبٍ … وما كان إلَّا من أيَادِيهِ مُوْمضَا
وما بتُّ إلَّا بالهُمَام مُحَمَّدٍ … مَدَى الدَّهْرِ عن إفْضَاله مُتَعَوّضَا
وإنَّ أبا تَمَّام رُكْني ومثْلُهُ … أبو اليُسْر إِنْ صرفُ الرَّدَى بي تقَوَّضَا
فَدَامُوا على النّعْماءِ في ظِلِّ نِعْمَة … ولا زَال مَنْ عَادَاهُم الدَّهْرَ مُدْحَضَا
وأمَّا الأُخْرى فقَوْلُه فيهِ: [من الكامل]
نَارُ الأَسَى بقُلُوبنا تتلَهَّبُ … لمَّا ثَوَى شَيْخُ العَلَاءِ مُهَذَّبُ
أرْدَاهُ صَرْفُ الحادِثَاتِ وإنَّما … أرْدَى قُلُوبًا بَعْدَهُ ئتقَلَّبُ
ما زَالَ يَعْذُبُ في الحَيَاةِ ثناؤُهُ … وَثَنَاهُ بعدَ الموْتِ منها أعْذَبُ
كالمِسْكِ يُؤخَذُ غيْرَ أنَّ نَسِيْهُ … أذْكَى وأعْذَبُ في النُّفُوس وأطْيَبُ
ولئن تَسَرْبَلَ بالنَّعِيْم فإنَّنا … من بَعْدِهِ بلَظى الجَحيِمِ نُعَذَّبُ
فَسَقَى ثَرَاهُ الغَيْثُ يهْطلُ صَوْبُهُ … أبَدًا عليهِ ويَسْتَهِلُّ ويَسْكُبُ
تُوفِّي المُهَذَّب بن عليّ سَنَة ثمانٍ وعشرين وأرْبَعِمائة، فقد تُوفِّي الزّاهِر بعد ذلك.