للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: فلمَّا وَصَل المَهْدِيّ إلى مَنْبج، وحَضَرهُ أهْلها، سَألهم وقال: هل عندكم شيخٌ كبيرٌ مُؤذِّنٌ؟ قالوا: نعم؛ عندنا شَيخ له مائةُ سَنَة وأربع سنين، يُؤذِّن منها ثَمانين سَنةً في بعض المَسَاجِد، فأمَرَ بإحْضَارِه، فلمَّا أُحْضر تقدّم بضَرْب رَقَبتهِ، فارْتاعَ الشَّيْخُ، وناشَدَهُ الله تعالى في أمْره، وأذْكَره بالله في دَفْعهِ عن دَمه، وعرَّفه كبَّر سنِّه وكثرة عيالهِ، فقال له: دَع هذا عَنْك، ولا بدَّ ممَّا أمرْتُ به فيك، ولكن إنْ صَدَقْتني عن أمْرك حَفِظتُك في مُخَلَّفيك، وإلَّا أسَأْتُ إليهم بَعْدك، فقال: أمَّا على ذاك فإنِّي منذ ثمانين سنةً أقول في أذاني: أجْحَدُ أنَّ مُحمَّدًا رسُول الله، فأمَرَ به وقُتِلَ.

قال ابن دُقَّة: وهذا الشَّيْخ جَدّ البُحْتُرِيّ الشَّاعِر.

قُلتُ: وجاءَ مَلِكُ الرُّوم الدَّمُسْتُق في أيَّام سَيْف الدَّوْلَة ابن حَمْدَان، ونَزلَ على حِصْن الحَدَث ليحصُره، وكان سَيْف الدَّوْلَة قد بناهُ وأحْكم بناءَهُ، فخرجَ سَيْفُ الدَّوْلَة، فتركَه ومَضَى، وجَرَت له وَقْعَة مع الرُّوم أيضًا، وقد خرج سيف الدولة لبناء الحَدَث، فواقَعهم وقتل منهم وأسَر، وكان أهل الحَدَث سَلَّمُوه بالأمان إلى الرُّوم قبل ذلك فخربُوه.

أخبرَنَا عبْد العَزِيْز بن محمُود بن الأخْضَر البغدادِيّ كتابةً، قال: أخبرَنَا الرئِيسُ أبو الحَسَن عليّ بن عليّ بن نَصْر بن سَعيد، قال: أخبرَنَا أبو البَرَكَات مُحمَّد بن عَبْد الله بن يَحْيَى، قال: أخبرَنَا عليّ بن أيُّوب بن الحُسَيْن، قال: أنْشَدنا أبو الطَّيِّب المُتَنَبي لنَفْسه يَمْدحُ سَيْف الدَّوْلَة، ويذْكُر بناءَهُ ثَغْر الحَدَث، بعد أنْ كان أهلُها أسْلَمُوهَا عن الأمَانِ إلى الرُّوم، ومُنَازلة ابن الفُقَّاس إيَّاه وهَزْمَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>