للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سُلطانَ لمُعاوِبَةَ فيها. وإنْ كنتَ مكْذوبًا عليكَ فأَبِرَّ صُدُورنا بالأَيْمانِ، فحلفَ بالله عزَّ وجلَّ أنَّه ما فَعَل. وقال رجالٌ منَّا كَثِيْر لو نَعْلَم أنَّه فَعَل لقَتَلْناهُ.

وقال شَقِيْقُ بن ثَوْر البَكْرِيّ (١): واللهِ ما وفَّق اللهُ خَالِدًا إنْ نَصَر مُعاوِيَةَ وأهلَ الشَّام على علىٍّ ورَبيْعَة. فلمَّا كان يَوْم الخَمِيْس، وخَرَج النَّاسُ للقتَالِ، وانْهَزَم أصْحَابُ عليٍّ من قِبل المَيْمَنَة، فقال الحُضَيْن بن المُنْذِر: فجاءَنا عليٌّ ومعه بَنُوه، فنَادَى بصَوتٍ لا عالٍ جَهِيْرٍ: لمَنْ هذه الرَّايَاتُ؟ فقُلْنا: رَايات رَبيعَة. فقال علىّ: بَلْ هي رايات الله، عَصَمَهُم الله وصَبَّرهم وثبَّت أقدامَهُم، قال الحُضَيْنُ: ثمّ قال لي: يا فَتَى، ألَا تُدْنِي رايتَك ذِرَاعًا؟ قُلتُ: بلى يا أَمِير المُؤْمنِيْن، وعَشْرة أذْرُع. فحملتُ (a) بها وأَدْنَيتُها من القَوْم، فقال لي: مكانَك.

وقال: حَدَّثَنَا نَصْرُ بن مُزَاحِم (٢)، قال: حَدَّثَنَا عَمْرو بن شَمِر، عن جَابِر بإسْنَادهِ أنَّ الحُضَيْن بن المُنْذِر أقْبَل يومئذٍ وهو غُلَامٌ يَزْحَفُ برَايتهِ، قال السُّدِّيُّ: وكانت رَايتهُ حَمْرَاء، فقال: [من الطويل]

لمَنْ رايةٌ حَمْراءُ يخفُقُ ظلُّها … إذا قُلْتَ (b) قدِّمْها حُضَينُ تَقدَّما

ويَدْنُو بها في الصَّفِّ حَتَّى يُزيرها (c) … حِمامَ المَنَايا تَقْطرُ المَوْتَ والدَّما

تَرَاهُ إذا كانَ يَوْم عَظِيمَةٍ … أَبَى فيه إلَّا عِزَّةً وتَكَرُّما

جَزَى اللهُ قَوْمًا صَابَرُوا في لقائهم … لَدَى البأْسِ خَيْرًا (d) ما أعَفّ وأحزما (e)

وأكرم (f) صَبْرًا حينَ تُدْعَى إلى الوَغَى … إذا كان أصْوَاتُ الكُمَاةِ تغَمْغُما


(a) وقعة صفين: ثم مِلْتُ، تاريخ الطبري: فقمت بها.
(b) وقعة صفين وتاريخ الطبري وفتوح ابن أعثم: قيل.
(c) وقعة صفين: يديرها.
(d) وقعة صفين: حُرًّا، الطبري: لدى الموت قومًا، ابن أعثم: لدى الموت خيرًا.
(e) وقعة صفين والطبري وابن أعثم: وأكرمَا.
(f) وقعة صفين: وأَحزمَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>