للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحَكَى لي حَمْدَان بن عبد الرَّحيم بن سَعيد بن عبد الرَّحيمِ أنَّ عَمّ أبيهِ حَمْدَان بن عبد الرَّحيمِ تولَّى دِيْوَان مَعَرَّة النُّعْمَان في بعض السِّنِيْن، ووهبَهُ صَاحِبُ الأثَارِب الفِرِنْجيّ قَرْية تُعْرف بمعرْبُونيّة (١) من نَاحِيَة معرَّة مَصْرِيْن، ودَامَت في يَده بعد أخْذ المُسْلمِيْن البِلاد من أيْدى الفِرِنْج، وَسَنَذْكُر سَبَب تَمْليك القَرْيَة إيَّاهُ في أثْناء هذه التَّرْجَمَة، وما زَالت معرْبُونيّة في أيْدي أهْله إلى زَمَننا.

قُلتُ: وسَكَنَ حَمْدَان حَلَبَ، وسُيِّر رَسُولًا إلى الفِرِنْج، وسُيِّر إلى مِصْر إلى الآمرِ الفَاطِميّ (٢)، وسُيِّر أيْضًا إلى دِمَشْق رَسُولًا إلى طُغْتِكِين أتَابَك، ودَخَلَ بَغْدَادَ.

وكان هذا حَمْدَان بن عبد الرَّحيم خَليْعًا، كَثِيْر الانْهِماك في الشُّرب في قُرَى الجَزْر ونَوَاحِيها والدِّيَرَة والمُتَنزَّهَات في جَبَل سمْعَان والجبل الأعْلَى، وكان قد شَذَا طَرِفًا من الأدَب، واطَّلع على التَّوَاريخ وأيَّام العَرَب، وحصَّل قِطْعَةً صالِحةً من معْرفَة النُّجُوم والطِّبِّ.

وصَنَّفَ كِتَابًا في أخْبَار بني تَمِيْم، وأيَّامهم، جَمَعَ فيهِ فَوَائِد كَثِيْرة، وأشْعَارًا حَسَنَة، وضمَّنَهُ ذِكْر مآثرهم، وأخْبَارهم، ووقَائِعهم، وأشْعَارهم، وانْتَسَب فيهِ إلى بني تميْم ووَسَمَهُ بالمِصْبَاح (٣).

ووَضَع كِتَابًا في تاريخ حَلَب من سَنَة تِسْعين وأرْبَعِمائة، ضمَّنَهُ أخْبَار الفِرِنْج، وأيَّامَهُم، وخُرُوجهم إلى الشَّام من السَّنَة المَذْكُورَة وما بعدها، وسَمَّاهُ المُفَوَّف (٤).


(١) تقدم التعريف بها في الجزء الأول من الكتاب.
(٢) كانت سفارته إلى الخليفة الآمر بمصر سنة ٥٢٠ هـ. انظر أخبار مصر لابن ميسر ١٣١.
(٣) ذكره ابن الساعي بنحو هذا العنوان، وهو في حكم المفقود. انظر: الدر الثمين ٣٦٣.
(٤) تقدم التعريف بالكتاب لأول نقله عنه في الجزء الأول، وانظر أيضًا: النتقى من أخبار مصر لابن ميسر ١٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>