للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال، ونَقَلْتُه من خَطِّه: وكان مع ابن طَبَرْزَد جزءٌ ظَهَر فيه سَمَاعُ حَنْبَل بن الفَرَج على بعضِ مَشَايخ بَغْدَاد، وسَمِعَهُ ابن طَبَرْزَد على عِدَّة مَشَايخ، وأرادُوا أنْ يَجْمعُوا بينهما للسَّمَاعِ عليهما، وكان ابن طَبَرزَد لا يَفْعَل، فقُلتُ: نَحْضُر على العَادَةِ للسَّمَاعِ ثمّ نقرأ عليهما ولا يُنْكر ابنُ طَبَرْزَد ذلك، فعَرِف حَنْبَل هذه القضيَّة فحَضَر، فقُلتُ: أخْبرَكُمَا شَيْخكما فُلَانٌ - وسَمَّيته - ثُمَّ قُلْتُ لابن طَبَرْزَد: وأخْبرك مَشَايخُكَ وهُم فُلَان وفُلَان، فلمَّا قال حَنْبَل: نعم، جَذَبَ الجُزءَ ابن طَبَرْزَد ونَفَر! وقال: يا حَنْبَل، أينَ سَمِعْتَ هذا الجُزء؟ فقال: في مَوضِع كَذَا بمَحَلَّةِ كذا، على الشَّيْخ فُلَان، أنْتَ أين سَمِعْتَهُ؟ وطال الخصَام بينهما زَمانًا حتَّى سَكَتا، وسَمِعْنَا عليهما بعد ذلك.

وقال لي المَلِك المُحْسِن أحْمَد بن يُوسُف: اجْتَهدت جُهْدِي كُلَّهُ أنْ أجِدَ لحَنْبَل حَدِيثًا واحدًا غير المُسْنَد فلم أجدْهُ.

قُلتُ: سَمِعَ غير المُسْنَد من الشُّيُوخ الّذين ذَكَرناهم، وكان سَمَاعه قَليلًا، ولعَلَّهُ لم يُحْضر معه إلى دِمَشْق شَيئًا من مَسْمُوعَاتهِ، فلهذا لم يَظْفَر بشيءٍ منها.

أنبأنا أبو عَبْد اللّه بن الدُّبيثِيّ (١)، قال: سُئِلَ حَنْبَل عن مَوْلدِه، فذَكَرَ ما يدُلُّ أنّهُ في سَنَة عَشرٍ وخَمْسِمائَة، أو سَنَة إحْدَى عَشرة، وتُوفِّيَ ببَغْدَاد بعد عَوْدهِ من الشَّام في ليلَة الجُمُعَة رَابع عَشر مُحَرَّمِ سَنَة أرْبَعٍ وسِتّمائة، ودُفِنَ يَوْم الجُمُعَة بالجانب الغَرْبيّ بمَقْبَرَة بَاب حَرْب عن غير عَقِبٍ ولا أهْلٍ، وقد جاوزَ التِّسْعِين (a).

قال (٢): وكان دَلَّال الدُّوْر ببَغْدَاد، وهو من أهْلها؛ كان يَسْكُن الرُّصَافَة، ويُؤذِّنُ في جَامِع المَهْدِيّ.


(a) قوله: "وقد جاوز التسعين"، لم يرد في نشرة كتاب ابن الدبيثي.

<<  <  ج: ص:  >  >>