للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حتَّى يُحْدثوا تَوْبَةً، فأتي سُليْمان بحَرُورِيّ مُسْتَقتل، فقال له سُليْمان: هيْه، قال: إيْه نزَع لحيَيْك يا فَاسِق ابن الفَاسِق، فقال سُليْمان: عليَّ بعُمَر بن عَبْدِ العَزِيْز، فلمَّا أتاهُ عُمَر، عاودَ سُليْمان الحَرُورِيّ، فقال: ماذا تقُول؟ قال: وماذا أقُول يا فَاسِق ابن الفَاسِق، فقال سُليْمانُ لعُمَر: ماذا تَرَى عليهِ يا أبا حَفْصٍ؟ فسَكَتَ عُمَر، فقال: عزَمْتُ عليك لتُخْبرني ماذا ترى عليه؟ قال: أرَى عليه أنْ تَشْتمَهُ كما شَتَمَكَ، وتَشْتم أباهُ كما شَتَم أباكَ. قال سُليْمان: ليس إلَّا! فأمَرَ به فضُرِبت عُنُقهُ، وقامَ سُليْمان، وخَرَجَ عُمَر، فأدْركَهُ خَالِد بن الرَّيَّان، صَاحِب حَرَس سُليْمان، فقال: يا أبا حَفْص، تقُول لأَمِير المؤمنِيْن: ما أَرَى عليهِ إلَّا أنْ تَشْتمه كما شَتَمَكَ وتَشْتم أباهُ كما شَتَم أباكَ! واللهِ لقد كُنْتُ مُتَوقِّعًا أنْ يأمُرَني بضَرْب عُنُقك، قال: ولو أمركَ فَعَلتَهُ؟ قال: أي واللهِ، لو أمَرَني فَعَلتُ!

فلمَّا أفْضَت الخِلَافَةُ إلى عُمَر، جاء خَالِدُ بن الرَّيَّان، فقَام مقام صَاحِب الحَرَس، وكان قَبْل ذلك على حَرَس الوَلِيدِ وعَبْدِ المَلِك، فنَظَر إليه عُمَر فقال: يا خَالِد، ضَع هذا السَّيْفَ عنكَ، وقال. اللَّهُمَّ أنِّي قد وضعْتُ لكَ خَالِد بن الرَّيَّان فلا تَرْفَعْه أبدًا، ثمّ نَظَر في وُجُوه الحَرَس، فدعا عَمْرو بن مُهاجِر الأنْصَاريّ، فقال: يا عَمْرو، والله لتَعْلمن أنَّهُ ما بَيني وبينَكَ قَرَابَة إلَّا قَرَابَة الإسْلَام، ولكن قد سَمعتُكَ تُكْثِر تلَاوة القُرْآن، ورأيتُكَ تُصَلِّي في مَوضعٍ تَظنّ أنْ لا يراكَ أحدٌ، فرأيتُكَ تُحْسن الصَّلاة، وأنت رَجُل من الأنْصَار، خُذْ هذا السَّيْف فقد ولَّيْتُكَ حرَسي (a).


(a) بعده في الأصل بياض قدر ثلث الصفحة.

<<  <  ج: ص:  >  >>