للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجَوَابِ؟ قال: نَعَم، قال: أرأيتك هذا الّذي قد أُعْجبتَ به أهو شيءٌ لم تَزَل فيه، أم هو شيءٌ صار إليكَ مِيْرَاثًا عن غيرك؟ وهو زائلٌ عنكَ، وصَائِرٌ إلى غيرك كما صَارَ إليك؟ قال: فكذلك هو، قال: أفلا أراك إنَّما أُعْجبتَ بشيءٍ يَسِيْر تكون فيه قَليلًا، وتَغيْب عنهُ طَوِيْلًا، وتكون غدًا بحِسَابهِ (a) مُرْتَهَنًا؟

قال: وَيْحَكَ أين المَهْرَبُ، وأينَ المَطْلَبُ؟ قال: إمَّا أنْ تُقِيم في مُلْكك فتَعمل فيهِ بطَاعَة ربّكَ على ما سَاءَكَ وسرَّكَ ومضَّكَ وأَرْمَضَكَ، وإمَّا أنْ تضعَ تاجَكَ، وتضَع أطْمَاركَ، وتَلْبَسَ أمْسَاحَكَ، وتَعْبُدَ ربَّكَ في هذا الجَبَلِ حتَّى يأتيكَ أجَلُكَ.

قال: فإذا كان السَّحَرُ فاقْرَع على بابيّ، [فإنِّي مُخْتَارٌ أحَدَ الرَّأيين] (b) فإنْ (c) اخْتَرتُ مما أنا فيه كُنْتَ وَزِيرًا (d)، وإنْ اخْترت خلَواتِ الأرْض وقَفْر البِلادِ كُنْتَ رَفِيْقًا لا تُخَالَفُ.

فلمَّا كان السَّحَرُ قرَعَ عليه بابَهُ، فإذا هو قد وضَعَ تاجَهُ، ووضَعَ أطْمَارَهُ، ولَبِسَ أمْسَاحَهُ، وتَهَيَّأ للسِّيَاحَةِ، فلَزما واللّه الجَبَل حتَّى أتَتْهما آجَالُهُما، وذلك حيثُ يقُول أخُو بَنِي تَمِيْم عَدِيُّ بن زيْد العِبَادِيُّ (١): [من الخفيف]

أيُّها الشَّامِتُ المُعَيَّرُ بالـ … ـدَّهْر أأنْتَ المُبَرَّأُ المَوْفُورُ

أَمْ لَديكَ العَهْدُ الوَثيقُ من الـ … أيَّام بل أنْتَ جَاهِلٌ مَغْرورُ

منْ رأَيْتَ المَنُونَ خَلَّدْنَ أمْ مَنْ … ذا عليهِ من أنْ يُضَامَ خَفِيرُ (e)

أيْنَ كِسْرَى؛ كِسْرَى المُلُوك أبو … سَاسَان (f) أم أين قَبْلَهُ سَابُورُ


(a) ابن عساكر: لحسابه.
(b) إضافة من مُعْجَم الأدباء، ولم ترد في عبارة ابن عساكر.
(c) الأصل: فأنا، وفوقها: "صـ"، والمثبت من ياقوت.
(d) ياقوت: وزيرًا لا يعصى.
(e) ابن عساكر: حقير.
(f) الديوان: أنو شروان.

<<  <  ج: ص:  >  >>