للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمّا جُبّ الكَلَب فإنَّه بئر في قَرية تُعرف بجُبِّ الكَلَب في طَرف الحَبْل (a) من قُرى حَلَب إلى جنب قِبْثَان (١) الحَبْل، هي الآن خَربة، كان الَّذي يَعضُّه الكَلبُ الكَلِب يأتي إلى هذه البئر فيَغْتسل فيها فَيَبْرأ، وقد بَطل الآن فعْلُها لِمَا نَذْكُره إنْ شَاءَ اللهُ في بابٍ يأتي (٢).

وأمّا نَهر الذَّهب، فقال لي والدي رَحِمَهُ اللهُ: إنّما سُمِّي نَهْر الذَّهب لأنَّ أوَّلَهُ بالقَبَّان وآخره بالكَيْل، لأنَّ أوَّله يُزرع على مائه القُطن، والبَصل، والثُّوم، والكُسْفَرَة، والكَرَاويَا، والخَشْخَاش (b)، والحَبَّة السَّوداء، والحَبَّة الخَضْراء، وبَزْر البَقْلَة وغير ذلك، ويُبَاع ذلك كُلّه بالقَبَّان. وآخره يَجْمد فيَصِير مِلْحًا، فيباع بالكَيْل ولا يَضِيع من مائه شيءٌ، ولهذا سُمِّي نَهْر الذَّهب، لأنَّهُ ذَهَب كُلَّه باعْتبار ما يُؤول إليهِ.

أنْشَدَنِي بعضُ الإخْوَان لِحْمَدان بن يُوسُف بن مُحمَّد البَابِي الضَّرير، وكان من أهل البَاب، وأدركتُهُ، وسَمِعْتُ منه شيئًا من شِعْره غير هذه الأبيات (٣)، ثمّ حَمَلَ إليَّ بعضُ أهل البَاب - وأنا بها - شِعْر حَمْدان المَذكُور، فنَقَلْتُ منهُ هذه القَصِيدَةَ يَصِفُ فيها وَادِي بُطْنَان، وما على نَهْر الذَّهب من القُرَى إلى الجَبُّول، ويَمْدح فيها المَلِك الظَّاهِر، وهي: [من الخفيف]


(a) كذا وردت، مؤكدة بحرف حاء أسفلها، ويرد ذَكَرَها فيما بعد على هذا الوجه ومؤكدة بحرف الحاء أيضًا. وحدد ابن العديم موضعها في الناحية الشرقية من حَلَب، (انظر كلامه على ما بحلب من العجائب والخواص والطلسمات)، وذكرها ابن الشحنة من قرى نقرة بني أسد بجانب قرية أدكين، ونقل ابن شدَّاد عن ابن العديم فقيدها: "قبثان بالجبل"، ومثله نقل ابن الشحنة عنه، انظر: الأعلاق الخطيرة ١/ ١: ٣٠١، والدر المنتخب ١٢٨.
(b) في الأصل: الحشحاش.

<<  <  ج: ص:  >  >>