للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن مُحمَّد بن عَبْد الباقِي بن أبي جَرادَة، المُلقَّب بالأنْطاكِيّ لسُكْناه بمَحَلَّة باب أنْطاكِيَة من حَلَب (ت ٥٥١ هـ)، قال السَّمْعانيّ (١): "وخَرَجْتُ يومًا من عنده، فرآني بعضُ الصَّالحين، فقال لي: أين كُنتَ؟ قلت: عندَ أبي الحَسَن بن أبي جَرادَة، وقرأتُ عليه شَيئًا من الحَديثِ، فأنْكَرَ عليَّ، وقال: ذاكَ يُقْرَأ عليه الحَدِيث!؟ قُلْتُ: لِمَ، وهل هو إلَّا مُتَشَيِّعٌ يَرَى رأيَ الحَلبيِّينَ؟ فقال: ليْتَ اقتصَرَ على هذا، بل يَقُولُ بالنُّجُومِ، ويَرَى رأيَ الأوَائِل منَ المُتَفَلسفين. وسَمعتُ بعض أهْلِ حلَب أيضًا بدمَشْقَ يَتَّهمهُ بمثل هذا".

وإنَّ صَحَّ ما رُمِيَ به عليّ بن عَبْد الله من التَّشيُّع، فهو ممَّن أخْرَجَه من التَّعميمِ الخصُوصُ؛ إذ لَم أَقفْ على مَن ذَكَرَ أو أشارَ إلى تَشيُّع أحدٍ من أُسْرِة بَني العَدِيْم، إلَّا ما وَرَدَ عن جَدِّهم الأعْلَى عامر بن رَبِيعَة المُكنَّى بأبي جَرادَة، وأنَّه كان صَاحبًا للإمام عليّ بن أبي طالب (٢).

وتَتَبَّعتُ تَراجمَ أجْدَادِ الكَمَال ابن العَدِيْم فلم أجِدْ مَن خَرَج منهم عن المَذْهَب أو انْتَقَلَ إلى غيره، فعَبْدُ الصَّمَد بن زُهَيْر بن هارُون (ت ٤٠٢ هـ) "كان قيِّمًا بمَذْهب أبي حَنِيْفة" (٣)، وجَدُّ جَدِّ والدِ كَمال الدِّين، واسْمُه: أحمد بن يَحْيَى بن زُهَيْر بن هارُون (ت نحو ٥٢٩ هـ) كان حَنَفيًا، وصَنَّف كتابًا ذَكَرَ فيه الخِلَافَ بين أبي حنِيْفة وأصْحابِه وما تفرَّدَ به عنهم (٤).

ونَجِدُ ياقُوت بعد أنْ ساقَ تَسْميَة خَمْسةٍ من آباءِ ابن العَدِيْم يقُولُ: "كُلُّ هؤلاءِ من آبائه وَلِيَ قَضاءَ حَلَب وأعْماَلها؛ وهم حَنَفيُّون" (٥)، ومِثْله قَوْل ابن الشَّعَّار المَوصِليّ: "وبَيْتُ أبي جَرادَة كُلُّه أُدَباء فُضَلاء … وهم على مَذْهَبِ أبي حَنِيْفَة رضِي اللهُ عنه" (٦).


(١) المنتخب من معجم شيوخ السمعاني ٢: ١٢٣٩ ونقله عنه، ياقوت في معجم الأدباء ٤: ١٧٩٢.
(٢) ياقوت: معجم الأدباء ٥: ٢٠٦٨، القرشي: الجواهر المضية ٢: ٦٣٤.
(٣) القرشي: الجواهر المضية ٢: ٤٢٦ نقلًا عن ابن العديم من آجزاء بغية الطلب الضائعة.
(٤) القرشي: الجواهر المضية ١: ٣٥٠ - ٣٥١ ونقله ابن قطلوبغا: تاج التراجم ٥٨، وأعيان الشيعة ٣: ٢٠٦.
(٥) معجم الأدباء ٥: ٢٠٨٢.
(٦) ابن الشعار: قلائد الجمان ٤: ٢٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>