للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

متى، قال: قُلتُ: فأنا والله ما جِئْتُ إلَّا للإسْلَام، فقَدِمْتُ على رسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فتقَدَّمَ خَالِد بن الوَلِيدِ فأسْلَم وبايَعَ، ثمّ دَنَوْتُ فقُلتُ: يا رسُولَ الله، إنِّي أُبايعُكَ على أنْ تَغْفرَ لي ما تقدَّم من ذَنْبي، قال: ولا أَذْكُرُ ما تأخَّر، فقال رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّم: يا عَمْرُو، بَايع فإنَّ الإسْلَام يَجُبُّ ما قَبلَهُ، وإنَّ الهِجْرَة تَجُبُّ ما كان قَبْلها، قال: فبايَعْتُ ثمّ انْصَرَفتُ.

أخْبَرَنا أبو اليُمْن الكِنْدِيّ، فيما أَذِنَ لنا في روَايَته عنْهُ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن عَبْد البَاقِي الأنْصَاريّ، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا الحَسَنُ بن عليّ الجَوْهَرِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عُمَر مُحَمَّد بن العبَّاس، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الوَهَّاب بن أبي حَيَّة، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن شُجاعٍ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عُمَر الوَاقِدِيّ، قال: فحَدَّثَني يَحْيَى بن المُغِيرَة بن عبد الرَّحمن بن الحَارِث بن هِشَامٍ، قال: سَمِعْتُ أبي يُحَدِّث يَقُول: قال خَالِد بن الوَلِيدِ (١): لمَّا أرادَ الله بي من الخَيْر ما أراد، قَذَفَ في قَلْبي حُبّ الإسْلَامِ، وحَضرني رُشْدي، وقُلتُ: قد شَهِدْتُ هذه المَواطِن كُلّها على مُحَمَّد، فليس مَوْطن أشْهَدُه إلَّا وَأنْصَرف، وإنِّي أرَى في نَفْسِي أنِّي مُوْضِعٌ في غير شيءٍ، وأنَّ مُحَمَّدًا سيَظْهَرُ.

فلمَّا خَرَج رسُول اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّم إلى الحُدَيْبِيَةِ، خَرَجْتُ في خَيْل المُشْرِكين، فلقيْتُ رسُول اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّم في أصْحَابه بعُسْفَان (a)، فقُمتُ بازائه وتعرَّضْتُ له، فصَلَّى بأصْحَابهِ الظُّهْرَ آمنًا منَّا، فهَمَمْنا أن نُغِيْر عليه ثُمَّ لم يعزم لنا، وكانت فيه خِبْرة، فاطَّلَعَ على ما في أنْفُسِنَا من الهُمُوم به، فصَلَّى بأصْحَابهِ العَصْرَ صَلَاة الخَوْف، فوقَع ذلك منِّي مَوْقعًا، وقُلتُ: الرَّجُل مَمْنُوعٌ وافْتَرَقنا، وعَدَل عن


(a) الأصل: يعسفان.

<<  <  ج: ص:  >  >>