للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوَفَاةُ بَكَي وقال: لقيْتُ كَذَا وكَذَا زَحْفًا، وما في جَسَدِي شِبْرٌ إلَّا وفيه ضَرْبة بسَيْفٍ، أو رَمْيَة بسَهْمٍ، أو طَعْنَةٌ برُمْح، وها أنا أمُوت على فِرَاشي حَتْفَ أنْفِي كما يَمُوتُ العَيْر (a) فلا نامَتْ عَيْنُ الجَبَان.

أنْبَأنَا أبو [ … ] (b)، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن السَّمَرْقَنْديّ، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمن، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر بن سَيْف، قال: حَدَّثَنَا السَّرِيّ بن يَحْيَى، قال: حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بن إبْراهِيم، قال: حَدَّثَنَا سَيْف بن عُمَر، عن مُبَشِّر، عن سَالِم، قال: فأقام خَالِد بالمَدِينَة حتَّى إذا ظَنَّ عُمَر أنْ قد سَبَكَهُ وبَصَّر النَّاس حَجَّ وقد عَزَم تَوْليتَهُ، واشْتَكَي خَالِد بعدُ وهو خارج من المَدِينَة زَائِرًا لأمِّهِ، فقال: أحدِرُوني إلى مُهاجَري فقدمَت به المَدِينَة ومرَّضَتْهُ، فلمَّا ثَقُل، وأظَلّ عُمَر، لقيَهُ لاقٍ على مَسِيْره صَادِرًا عن جَحِّهِ، فقال له عُمَرُ: مَهْيَم؟ فقال: خَالِد بن الوَلِيد ثَقِيْل لِمَا بهِ، فطَوَى ثلاثًا في لَيْلَةٍ، فأدْرَكَهُ حين قَضَى، فرَقَّ عليه واسْتَرْجَعَ، وجَلَس ببابهِ حتَّى جُهِّزَ، وبَكتهُ البَوَاكي، فقيل لعُمَر: ألَا تَسْمَعُ، ألَا تَنْهاهُنَّ؟ فقال: وما علىِ نِسَاء قُرَيْشٍ أنْ يَبْكين أبا سُليْمان ما لَم يكُن نَقْعٌ أو لَقْلَقَةٌ، فلمَّا أُخْرِج بجنَازَته رَأى عُمَر امْرأةً مُحْتَزمةً تَبْكيه وتقُول: [من الخفيف]

أَنْتَ خَيْرٌ مِن ألْفِ ألفٍ مِنَ النَّا … سِ إذا ما كَبَتْ وُجُوهُ الرِّجَالِ

أَشُجاعٌ فأنْتَ أَشْجَعُ من لَيْـ … ـثِ عَرِيْنٍ جَهْمٍ (c) أبي أَشْبَالِ

أَجَوادٌ فأنْتَ أجْوَدُ من سَيْـ … ـــلِ دِياسٍ يَسِيْلُ بينَ الجِبَالِ

فقال عُمَر: مَنْ هذه؟ فقيل: أُمُّهُ، فقال: أُمُّهُ! والإله ثلاثًا هل قامَتِ النِّسَاء


(a) في تاريخ ابن عساكر: البعير.
(b) بياض في الأصل قدر أربع كلمات. وانظر الخبر في تاريخ ابن عساكر ١٦: ٢٧٠ - ٢٧١.
(c) ابن عساكر: حميم.

<<  <  ج: ص:  >  >>