للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أهل الأدَب: وَجَدْتُ بخَطِّ أبي الفَرَج عليّ بن الحُسَين الأصْبَهَانِيّ وأجَازَهُ لي، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن الأسَدِيّ، قال: حَدَّثَنَا حَمَّاد -يعني: ابنَ إسْحاق المَوْصِلِيّ- عن أَبِيهِ، قال: حَدَّثَني مَرْوَان بن أبي حَفْصَة، قال: هَجَا البَعِيثُ بَطْنًا من بَاهِلَة يُقال لهم بنو صَحْبٍ، فاسْتَعْدَوا عليه إبْراهيم بن عَرَبيّ (a) في خِلَافَةِ الوَلِيد بن عَبْد المَلِك، فضَرَبَهُ بالسِّيَاطِ، وأمرَ بهِ فطِيْفَ به في سُوق حُجْر مَجْلُودًا، فقال جَرِير يَهْجُوه (١): [من البسيط]

لئن هَجوتَ بني صَحْبٍ لقد تَرَكُوا … للأصْبَحيَّةِ في جَنْبيكَ آثارَا

قَوْمٌ هُم القَوْم لو عَاذَ الزُّبَيْرُ بهم … لَم يُسْلِمُوهُ وزَادُوا الحَبْلَ إِمْرَارا

وكانت البَعِيث وجَريْرٌ والفَرَزْدَقُ يَوْمئذٍ أحَدّ ما كانُوا في الهِجَاءِ، فخَرَج البَعِيثُ مُرَاغمًا لإبْراهيم بن عَرَبيّ لِمَا صَنَعَ به، فلَحِقَ بالشَّام، ونَزَل البَادِيَةَ، فَجَاوَرَ بني القَعْقَاع أخْوَال الوَلِيد بن عَبْدِ المَلِك، ومَدَحَهم وهَجَا ابن عَربيّ، وجَعَل جَرِير والفَرَزْدَقُ يَهْجُوانهِ، فرَوتِ العَرَبُ أشْعَارهُما، وخَملَ شِعْره لاعْتِزَائهِ، فقال البَعِيث ممَّا كان يَهْجُو ابنَ عَرَبيّ (٢): [من الطويل]

تَرَى مِنْبَر العَبْد اللَّئيْم كأنَّما … ثلاثَةُ غِرْبَانٍ عليه وُقُوعُ

قال: فكان بعد ذلك ابنُ عَرَبيّ إذا صَعدَ المِنْبَرَ تغامزَ به النَّاسُ، وإذا رَأى ابنُ عَرَبيّ غُرَابًا سَاقطًا يَقُول: لَعْنَةُ اللهِ على البَعِيثِ.

قُلتُ: ومن مُخْتَار شِعْر البَعِيثِ قَوْلُه (٣): [من الطويل]

ألَا طَرَقَتْ لَيْلى الرِّفَاقَ بغَمْرةٍ … ومن دُوْن لَيْلَى يَذْبُلٌ فالقَعَاقِعُ (b)


(a) الوافي بالوفيات ١٣: ٣٩٤: ابن عدي.
(b) صدره في الديوان من بيت والعجز من بيت آخر.

<<  <  ج: ص:  >  >>