للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: ذَكَرَ أبو العبَّاسِ مُحَمَّد بن يَزِيد المُبَرَّد، فيما حَكَاهُ عَبْد الله بن سَعْد القُطْرُبُّلِيّ عنه، وقَرَأتُهُ بخَطِّهِ، قال: حَدَّثني الرِّيَاشِيّ، قال: وقفَ خِرَاشُ بن بَحْدَل الكَلْبيّ على عَبْدِ المَلِك بن مَرْوَان بعد أنْ مَلَكَ فقال: [من الطويل]

أعَبْدَ المَلِيْك (a) ما شكَرْتَ بَلَاءَنا … فكُلْ في رَخَاءِ العَيْش ما أنتَ آكِلُ

بجَابِيَةِ الجَوْلَانِ لولا ابنُ بَحْدَلٍ … لكُنْتَ وما يُسْمَعْ لقيْلِكَ قَائِلُ

وكُنتَ إذا دارَتْ عليكَ عَظِيمَةٌ … تَضَاءَلْتَ إنَّ الخَاشِعَ المُتضَائِلُ

فلمَّا عَلَوتَ النَّاسَ في رَأسِ شَاهِقٍ … منَ المَجْدِ لا يَسْطيْعُكَ المُتَطَاوِلُ

قَلْبتَ لنا ظَهْرَ العَدَاوَةِ مُعْلِنًا … كأنَّكَ ممَّا يُحْدِثُ الدَّهْرُ جَاهِلُ

فقال عَبْد المَلِك: أراكَ احْتَجْتَ إلى المالِ؟ قال: أجَل، قال: فأيُّهُ أحبُّ إليك؟ قال الإِبِل، قال: يا أبا الزُّعَيْزِعَةِ، أعْطهِ مائةً برُعَاتها، ثُمَّ الْتَفَتَ إليهِ فقال: لا تَعُد فتُنْكرني.

وفي هذه الأبْيَات بَيْتٌ آخر وهو:

فلو طَاوعُوني يَوْم بُطْنَان

بُطْنَان: مَوضِع بين حَلَب ومَنْبِج، كان يَنْزله عَبْدُ المَلِك إذا توجَّه لحَرْب مُصْعَب بن الزُّبَيْر، فإنْ ثَبَتَ أنَّ هذه الأبْيَات له، فقد اجْتازَ بناحية حَلَب.

والأبْيَاتُ تُرْوى لأبي جَنْدَل عُبَيْد بن الحُصَيْن الرَّاعِيّ، وهي في دِيْوان شِعْره (١)، وَسَنَذْكُرها في تَرْجَمَتِهِ (٢) فيما يأتي من كتابنا هذا إنْ شَاءَ اللهُ تعالَى.


(a) ابن عساكر: المليكة.

<<  <  ج: ص:  >  >>