وها أنا اليَوْم كما قد تَرَى … مُقْفِرةٌ ما فيَّ دَيَّارُ
ومن خَطِّ الخَضِر أيضًا، قال: وحَدَّثَني الأسْفَهْسَلار عَبْد المَجِيْد الصُّوْفيّ الهَمَذَانيّ، وكان من مَشَايخ الصُّوْفيّة وظُرَّافهِم، سَنَة ثَلاثٍ وثَلاثين وخَمْسِمائَة، قال: خَرَجْتُ من الرَّيّ إلى مَزْدَغَان (a)، فَدخَلْتُ بعض مَسَاجِدها، فإذا على حَائطٍ مَكْتُوب:[من البسيط]
اقْنعَ بقُوتٍ فإنَّ المَرْءَ مُرْتَحِلٌ … مِن هذه الدَّارِ عُرْيانًا كما دَخَلَا
وتَحْتَهُ مَكْتُوب: كَتَبَهُ طَاهِر بن سَعْد بن عليّ.
ثُمَّ دَخَلْتُ دِمَشْق، واجْتَمَعْتُ بالوَزِير كَمَال الدِّين، رَحِمَهُ اللَّهُ، فأنْشَدتُهُ البَيْتَ، فقال: من أين سَمِعْتَ هذا البَيْت؟ فقُلْتُ: يا مَولَانا، قَرَأتهُ على مَسْجِد بمَزْدَغان، فقال الوَزِير هذا واللَّه خَطِّي، كَتَبْتُه وعُمري سَبْع سنين.
ونَقَلْتُ ذلك من خَطِّ الخَضِر، وقد أثْبَته في آخر آدَاب الغُرَبَاء لأبي الفَرَج الأصْبَهَانِيّ مع حِكَايَات غيرها جَعَلها ذَيْلًا على الكتاب (١)، تُوفّي سَنة ثَمانٍ وستِّين وخَمْسمَائة أو بعدَها، فإنَّني شَاهَدتُ بخَطِّهِ تاريْخ كتاب كَتَبَهُ في سَنَة ثمانٍ وسِتِّين وخَمْسِمائَة.
(a) عند ياقوت: مزدقان، وهي بليدة من نواحي الري. معجم البلدان ٥: ١٢١.