للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: حَدَّثَنا أبو العبَّاس أحمد بن الحاَرِث بن مُحمَّد بن عَبْدِ الكَريم المَرْوزِيّ، قال: حَدَّثَنا جَدِّي أبو جَعْفَر مُحمَّد بن عَبْد الكَريم، قال: حَدَّثَنا الهَيْثَم بن عَدِيّ، قال: أخْبرنا يُونُس بن أبي إسْحَاق، قال: حدَّثَني أبي، قال: قلتُ لأبي: أي أبة، أشَهِدْتَ صفِّيْن؟ قال: نعم، لقد رأيتُ عجبًا، لقد شَهِدْتُهم يومًا، وشَجَرُونا بالرِّمَاح، وشَجَرْناهُم بها، حتَّى لو شاء رَجُلُ أنْ يمشي عليها لمَشَى، أسْمعُ من ها هُنا: لا إله إلَّا اللهُ والله أكبرُ، ومن هَا هُنا: لا إله إلَّا اللهُ والله أكبر، ثمّ رأيتُهم يومًا آخر، ودَلَفُوا إلينا ودَلفنا إليهم، فإذا رَجُل قد نَدَرَ بين الصَّفَّين على رأسِ أحْوَى ذَنُوبٍ، حتّى إذا كانَ بينَ الصَّفَّيْن، لا يُدْرَى أهو إلينا أقْرَبُ أَم إلى أهْل الشَّام، اسْتَدبرَ أهْل الشَّام، واسْتَقْبلَنا، فإذا هو الأشْتَر، فقال: أيُّها المُسلِمُون؛ آقَدْكُم من ربّكُم، لقد أسَأْتُم الضِّرَاب أَمْس، عَضَّ مَنْ ها هُنا بهَنِ أُمَّهُ، اسْتَقْبلُوا القَوْمَ بالهَام، وخُذُوا قَوَابعَ سُيُوفكم بأَيْمانكم، وعضُّوا على النَّوَاجِذ، واطْعُنُوا في الشَّرَاسِيْف اليُسْرَى؛ فإنَّها مَقَاتِل، ثمّ الْتقَى القَوْمُ، فقَتَلُوا منّا صُفُوفًا خَمْسَةً، وقتلْنا منهم مثلها، فأفْضَيْنا إلى الصَّفِّ السَّادِس أو السَّابِع وقد عقَلُوا أنْفُسَهُم بالعَمَائم، فوالّذي لا إلَهَ غيرهُ ما كان عندَهُم ولا عندنا (a) إلَّا العنَاق والكَدْم، فقُلتُ: أي أبةَ، لقد صَبَرتُم، قال: أي بُنَيَّ، إنَّها والله كانَتِ العَرَبَ ليسَ فيها شَائِبَةُ (b).


(a) في الأصل وك: عندهم، والأظهر ما أثبت.
(b) يلي انتهاء هذا الجزء في الأصل فراغ قدر ربع صفحة، والصفحة التي تليها فراغ أيضًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>