أخْبَرَنا أبو يَعْقُوبَ يُوسُف بن مَحْمُود بن الحُسَين السَّاوِيّ بالقَاهِرَة، قال: أنْبَأنَا الحافِظُ أبو طَاهِر أحْمَد بن مُحَمَّد السِّلَفِيّ، قال: أنْشَدَني أبو المَاضِي خَلِيفَة بن بَرَكَة بن خَلِيفَة التَّمِيْمِيّ التَّاذِفيّ -وهي من قُرَى حَلَبَ- بالرَّحْبَةِ، قال: أَنْشَدَني صَاعِد بن صَاعِد الرَّحبِيّ لنَفْسِه من قَصِيدَةٍ: [من الطويل]
منَ القَاصِراتِ الطَّرْفَ شَاقَكَ نَعْتُها … بما افْتَنَّ فيهِ الحُسْنُ وَهْوَ أَفَانِيْنُ
فبالخَدِّ يَاقُوتٌ وبالثَّغْرِ لُؤْلُؤٌ … بمَعْدِنِ مُرْجَانٍ حَقيقٌ ومَوْضُونُ
وتَجْلُو رُضَابًا لم تَشُرْهُ مُعَسَّلٌ … وتَأْرَجُ طِيْبًا حيثُ لا الطِّيْبُ مَظْنُونُ
مُنَعَّمةٌ لَم تَدْر ما أرْضُ بَابِلٍ … وحَاجِبُها المَقْرُونُ بالسِّحْرِ مَقْرُونُ
كأنْ خَطَّ فيها اللَّهُ عُنْوَانَ حُسْنِها … فسِيْماهُ شَطْرُ الحَاءِ والسِّيْن والنُّونُ
وأوَّلُ القَصِيدَة:
أَعيْنُ المَهَا بالسِّجْفِ أم حُوْرُهَا العِيْنُ … أمِ الدُّرُّ واليَاقُوتُ فيهِنَّ مَكْنُونُ
قَرأتُ بخَطِّ رَجُلٍ أديبٍ يقال له ذُو النُّون بن سَعيد بن بُدَيْل بن مُوسَى المُوْقَانِيّ: قال الشَّيْخُ أبو المَاضِي خَلِيفَةُ بن بَرَكَة التَّمِيْميُّ التَّاذِفيّ، أدَامَ اللَّهُ تَوْفيقهُ، وقد كَتَبَها خَلِيفَة إليه: [من البسيط]
قُلْ للسَّحَابِ إذا وَافَى خُرَاسَانا … مُثْعَنْجِرًا لَجِبَ الأرْجَاءِ مَلْآنا
عجّ الرّعُودِ هَزِيمَ الوَدْقِ مُنْسَكِبًا … مُسْتَصْحِبًا مِن قَرَار البَحْرِ حِيْتَانا
يَحُطُّ أثْقَالَهُ في خَيْرِ مَنْزِلةٍ … ويَسْتَخِصُّ من البُلْدانِ مُوْقَانا
يَهْمِي على ربْعِها المأنُوسِ هَيْدَبُهُ … حتَّى يَصِيْرَ يَفَاعُ الأرْضِ غُدْرَانَا
وتَكْتَسِي جَنْزَةُ البَيْضَاءُ من حُلَلِ الـ … ـدِّيْبَاجِ والوَشْي ألْوَانًا وألْوَانا
منْ كان ذُو النُّونِ منها فَهْيَ أجْدَرُ أنْ … يَصُوْبَها الغَيْثُ أحْيانًا وأَحْيَانا
عَفُّ الضَّمَائِرِ مَحْمُودٌ طَرِيقَتُهُ … يُرْضِيكَ سِرًّا كما يُرْضِيْكَ إعْلَانا