للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُحَمَّد بن العبَّاس بن حَيَّوْيَه، قال: أدْخَلنِي دَعْلَجُ إلى دَارِه، وأرَاني بِدَرًا من المالِ مُعبَّأةً في مَنْزِلِه، وقال لي: يا أبا عُمَر، خُذْ من هذه ما شِئْتَ، فشَكَرتُ له، وقُلتُ: أنا في كِفَايَةٍ وغَنَاءٍ (a) عنها، ولا حَاجَةَ لي فيها.

قال الخَطِيبُ (١): وحَدَّثَني أبو مَنْصُور مُحَمَّد بن مُحَمَّد (b) بن أحْمَد العُكْبَرِيّ، قال: حَدَّثَني أبو الحُسَين أحْمَدُ بن الحُسَين الوَاعِظ، قال: أُوْدِعَ أبو عَبْدِ الله بن أبي مُوسَى الهاشِميّ عَشرةَ آلاف دِيْنار ليَتِيْمٍ، فضَاقَتْ يَدهُ، وامْتَدَّت إليها، فأنْفَقَها، فلمَّا بَلغَ الغُلَامُ مَبْلغَ الرِّجال، أمرَ السُّلْطانُ بفَكِّ الحَجْر عنهُ، وتَسْليم مالِهِ إليه، وتُقُدِّم إلى ابن أبي مُوسى بحَمْل المالِ ليُسَلَّم إلى الغُلَام.

قال ابنُ أبي مُوسَى: فلمَّا تُقُدِّم إِليَّ بذلك، ضاقَتْ عليَّ الأرْض بما رَحُبَتْ، وتحيَّرتُ في أمْري؛ لا أعْلَمُ من أيِّ وجْهٍ أغرَمِ المالَ، فبَكَّرتُ من دَاري، ورَكِبتُ بَغْلَتي، وقَصَدْتُ الكَرْخ لا أعْلَمُ أينَ أتوجَّه، فانْتَهَتْ بي البَغْلة (c) إلى دَرْب السَّلُوليِّ، ووَقَفَتْ بي على باب مَسْجِد دَعْلَج بن أحْمَد، فثَنَيْتُ رِجْلي، ودَخَلْتُ المَسْجِدَ، وصَلَّيتُ خَلْفَهُ صَلَاة الفَجْر، فلمَّا سَلَّم انْفَتَل إليَّ، ورَحَّب بي، وقامَ وقُمْتُ معهُ، ودَخَلَ إلى دَاره، فلمَّا جَلَسْنا، جاءَتْهُ الجَارِيَةُ بمَائِدَةٍ لَطِيْفةٍ وعليها هرِيْسَةٌ، فقال: يَأكُل الشَّريفُ، فأكلتُ وأنا لا أُحَصِّل أمْري، فلمَّا رَأى تَقْصِيري، قال: أراكَ مُنْقَبضًا، فما الخَبَرُ؟ فقصَصْتُ عليه القِصَّةَ، وأنَّني (d) أنْفَقتُ المالَ، فقال: كُلْ فإنَّ حاجَتَكَ تُقْضَى، ثمّ أحْضَرِ حَلْوى فأكَلْنا، فلمَّا رُفِعَ الطَّعَام، وغَسَلنا أيْدِينا، قال: يا جَارِيَة، افْتَحي ذلك البابَ، فإذا خِزَانَة مَمْلوءةٌ زُبُلًا (٢) مُجَلَّدةً، فأخْرَج إليَّ بعضَها، وفَتَحَها إلى أنْ أخْرَج النَّقْد الّذي كانت الدَّنَانِيْر منه، واسْتَدْعَى الغُلَامَ والتَّخْتَ


(a) تاريخ بغداد: وغنى.
(b) ساقطة من تاريخ الخطيب البغدادي.
(c) تاريخ بغداد: بغلتي، وفي بعض نسخه ما يوافق المثبت.
(d) تاريخ بغداد: إنِّي.

<<  <  ج: ص:  >  >>