للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنْشَدَني الأَمِيرُ شَرَف الدِّين رَاجِح بن إسْمَاعيْل بن أبي القَاسِم الحِلّيِّ لنَفْسِه بحَرَّان في المَلِك الأشْرَف مُوسَى بن أبي بَكْر بن أَيُّوب، وذَكَرَ لي أنَّهُ كان مَرضَ مَرْضَة عَظِيمَة، وكان هو أيضًا مَرِيْضًا، فلمَّا أبَلَّ المَلِكُ الأشْرَفُ من مَرَضِهِ عُوْفي الحِلِّيّ أيضًا، فأنْشَدَهُ مُهَنِّئًا (١): [من البسيط]

هَاجَتْ فُنُونَ الهَوَى وَرْقَاءُ في فَنَن … ناهيكَ من شَجَر [أَثْـ]ـمَرن بالشَّجَنِ

نَاحَتْ وأفياؤُها خضْرٌ مَرَاتعُها … وإلْفُها عن فُروع البَان لَم يَبنِ

شَدَتْ فأصْغَيْتُ مُلْتذًّا بنَغمتها … جَهْلًا فماذا لقَلْبي هِجْتِ أُذُنِي

وَقَفْتُ ما بين مُلتفِّ الأرَاك وبي … من سَجْعها أنَّهُ النَّائي (a) عن الوَطَنِ

أَبْكي وتَبْكي (b) فلَوْلَا أنْ عَلَا نَفْسِي … فاسْتَيْقظ الرَّكْبُ لَم يُدْر الجَوَى بمَنِ

فبَعْدَها لا أُرى بالجِزْع ذا جَزع … على الدِّيَار ولا بالحَزْن ذا حَزَنِ

وأنْتَ يا حَامِل الخَطيّ مُعْتَرِضًا … لقَتْل عُشَّاقِهِ (c) خَفَّفْ عن البَدَنِ

صُلْ بالقَوَام ودَعْ ما أنْتَ حَاملُهُ … فأين من لَدنه فِعْلُ القَنَا اللُّدُنِ

يا مَنْ ثَنَتْهُ شَمُولٌ من شَمَائِلهِ … فاهْتَزَّ مثْل اهْتِزَاز الذَّابِل (d) اليَزَنِي

في فَتْرة الطَّرْف أَرْسَلْتَ العِذَارَ فما … هذا التَّثَنِّي الّذي يَدْعُو إلى الوَثَنِ

عَلمَتُ إذ قُمْتَ للعُشَّاق مُنْتَصِبًا … أَنْ سَوْفَ تَظْهَرُ فيها دَوْلَة الفتَنِ

سَلْ خَدّكَ الأحْمَر القَانِي أَيَشْعُرُ ما … شِعَارهُ فهو خَوْفَ الثَّأر (e) في جَنَنِ

مَنْ صَرَّف الخَمْر في عنقُود عَارضهِ … وأطْلَعَ البَدْر تَحْت اللَّيْل في غُصنِ

واسْتَبْقِ أسَرَاكَ من أهْلِ الغَرَامِ فقد … طاحَتْ نفوسُهُم نَهْبًا بلا ثَمَنِ

وهَات قُلْ لي أزَيْدُ الخَيْل في دَمِهِم … أفْنَاكَ بالفَتْكِ أم سَيْف بن ذِي يَزَنِ


(a) الديوان: الشاكي.
(b) الأصل: ونبكي.
(c) الديوان: عاشقة.
(d) الديوان: النابل.
(e) الديوان: سعاره فهو جوف النار.

<<  <  ج: ص:  >  >>