للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في الصَّلاة فيُنْكِر عليه الفُقَهَاء ذلك لِمَا فيه من مُنافَاة مَذَاهِبهم (a)، ومُخالفة الشَّرْع.

وكان قد نَزَل مَسْجِدًا ظَاهِرَ المَوْصِل، وكان القَاضِي فَخْر الدِّين أبو الرِّضَا بن الشَّهْرَزُورِيّ يَزُور رُوْزبَهَار كَثِيْرًا، وكان إمام أهل المَوْصِل في الفِقْه، قال: فأنْكَرنا عليه ذلك، وقُلْنا له: أنْتَ سَيِّد الفُقَهَاء، وقُدْوة العُلَمَاء، وَتَزُور هذا الرَّجُل مع ما هو عليه من الأُمُور المُضَادَّة لقَاعدة الشَّريْعَة (b)، وانْتِمائه إلى ما ليس له قاعِدة؟ فقال لنا: اعْلموا أنَّني كُنْتُ ليلَة النِّصْف من شَعْبان - أوَ قال: لَيْلَة القَدْر، الشَّكُّ منِّي (c) مُسْتقبلٌ القِبْلَة وأنا قَاعِدٌ أُحْيي اللَّيْلة، فأغْفَيتُ وأنا جالسٌ، فرأيْتُ المَلائِكَة في النَّوْم قد نَزَلُوا من السَّماءِ ومعهم أنْوَار عَظِيمَة ومعهم عَلَمٌ، فسَألتُهم: إلى أين؟ فقالُوا: إلى زيارة رُوْزبَهَار، فقُلتُ: وأنا أصْحَبُهم، فَمشَيْتُ صُحبَتَهُم، فجاؤوا إلى المَسْجِد الذي هو فيه، فأضَاءَ المسْجدُ، وسَطَعَت الأنْوَار، فدَخلْنا فوَجدْنا رُوْزبَهَار مُسْتقبلٌ القِبْلَة وهو يَصِيْحُ على جَارِي عَادَته، فسَلَّم عليهِ المَلائِكَة، وصَالَحُوه وانْصَرَفُوا واسْتَيْقَظتُ، وقلتُ في نَفْسِي: لا بُدَّ من زيَارة هذا الرَّجُل.

فلمَّا أصْبَحْتُ، وفُتِحَت أبْوَابُ المَوْصِل، خَرَجْتُ إلى المَسْجِد الّذي هو نَازِل به، ودَخَلْتُ المَسْجِد، فوجَدْتُ رُوْزبَهَار مُسْتَقبل القِبْلَة على الحالِ الّتي رأيته عليها في النَّوْم وهو يَصِيْحُ، فَجَلَسْتُ في جانب المَسْجِد إلى أنْ سَكَن صيَاحُهُ، ثُمَّ الْتَفَتَ إليَّ وقال: تَزُورنا في اللَّيْل وفي النَّهَار! فقُلْتُ: ما بَقي بعدَ هذا شيءٌ، فأنا أَزُوره لذلك.

سمعْتُ أبا بَكْر مُحَمَّد بن الحافِظ عبد العَظِيْم بن عَبْد القَوِيّ المُنْذِريّ يقُول لي: أخْبَرَني أَبي - ولي من أبيهِ إجَازَة - قال (d): أخْبَرَني جَدُّك لأُمِّكَ عَبْد الكافِي بن بَدْر بن حَسَّان الأنْصاريّ، قال: كان الشَّيْخ رُوْزبَهَان - يعني: ابن أبي بَكْر الفَارسِيِّ


(a) التذكرة: حالهم.
(b) التذكرة: الشرع.
(c) في التذكرة: ليلة القدر، دون تشكك.
(d) مكررة في الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>