للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَصَلَ إلى دِمَشْق وأنْشدَ أتَابِك قَصِيدَةً نُونيَّة، وخَلَعَ عليه خِلْعةً تامَّةً، وحَمَلَهُ على فَرَسٍ عَتِيق، ورَأيْتُه بحَلَب بِمَجْلِس المَلِك رِضْوَان وهو يُنْشِدُه قَصِدَةً منها قَوْله لنَاقَتهِ: [من البسيط]

لا راحةٌ لك يا زَيْدُ ولا سِنَةٌ … وَلا لَنا أو (a) نَرَى السُّلْطانَ في حَلَبا

أبا (a) المُظَفَّرِ رِضْوَانَ الّذي أَمِنَتْ … بهِ البِرَّيَّةُ لمَّا خَافَتِ العَطَبَا

الوَاهِب النِّعَمَ الخُضْرَ (c) الّتي (d) عَظُمَت … والجُرْدَ والمُرْدَ والهِنْدِيَّةَ القُضُبا

سَحابةٌ تُذهِبُ العُدْمَ المُضِرِّ بنا … وتُمطِرُ الفِضَّةَ البَيْضَاءَ والذَّهَبا

وتُوقِدُ الحَرْبَ في أعْدَائهِ فَتَرَى … عِظَامَهُمْ لا تَنِي في قَعْرِها حَطَبَا

فالدَّهْرُ يَخْدمُهُ والنَّصْر يَقْدُمُهُ … واللّهُ يُوْلي عِدَاهُ الوَيْلَ والحَرَبا

يا ابنَ الأُلى مَلَكُوا الدُّنْيا وعَمَّ … جميع ما خُوِّلُوهُ العُجْمَ والعَرَبا

قَوْمٌ مَنَاقِبُهُمْ لمَّا مضَوا بَقِيَت … تَخالُها في سَمَاءَ السُّؤْدَدِ الشُّهُبَا

لَهُمْ مِنَ اللّهِ نَصْرٌ لا يُغبُّهُمُ (e) … ومَدْحُهُمْ جَمَّلَ الأشْعَارَ والخُطَبَا

إنِّي أتَيْتُكَ لا أبْغِي سِوَاكَ حَيًا … ولا أرَى في بلادِ اللّهِ مُضْطَرَبا

ومَنْ أتاكَ طَلِيحًا طَالِبًا جِدَةً … فإنَّهُ بالغٌ مَمَّا بَن الأَرَبا

فأعْطَاهُ وخَوَّلَهُ وأجْزَل صِلَتَهُ وجَمَّلَهُ.

أنْبَأنَا أبو المَحَاسِن سُليْمان بن الفَضْل بن سُلَيمان البَانيِاسِيّ، قال: أخْبَرَنَا الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن الدِّمَشْقيّ (١)، قال: زَائِدَةُ بن نِعْمَة بن نُعَيم بن نَجِيْح، أبو نِعْمَة القُشَيْريّ، المَعْرُوف بالمُجَفْجَف (f)، شَاعِرٌ قَدِمَ دِمَشْقَ ومَدَح بها أتَابك، ولَقِيتُه بالرَّافِقَةِ، وأَنْشَدَنِي شَيئًا من شِعْره.


(a) ابن عساكر: أن.
(b) ابن عساكر: أنا!.
(c) ابن عساكر: الحضر.
(d) الأصل: الذيّ، والمثبت من تاريخ ابن عساكر، وهي صفة للمنعم.
(e) ابن عساكرة: يُعبهم.
(f) ابن عساكر: المحفحف.

<<  <  ج: ص:  >  >>