للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تمَزَّقَ ثَوْبُ المَجْد عن كُلِّ لابس … وثَوْب سَعيد الأرْيَحيِّ جَدِيدُ

قال ابنُ النَّجَّار: زَائِدَةُ بن نعْمَة بن نُعَيْم بن نَجِيْح، أبو نِعْمَة القُشَيْريّ، المَعْرُوف بالمُجَفْجَف، الشَّاعر، بَدَوِيٌّ كَثيْر الشِّعْر، جَيِّد الألْفَاظ، حَسَن المَعَانيّ، يَمْدَح سَادَات العَرَب وأهْل البُيُوت والتَّقَدُّم، وله في سَيْف الدَّوْلَة صَدَقَة وابْنه دُبَيْس عدَّة قَصَائِد، وقد دَخَلَ الشَّام، ومَدَح مُلُوكها.

أخْبَرَني الأَمِير بَدْرَان ابن جَنَاح الدَّوْلَةِ حُسَيْن بن مَالِك بن سَالَمِ بن مَالِك العُقَيْلِيّ، قال: كان المُجَفْجَف شَاعِر جَدِّي مَالك صَاحِب قَلْعَة جَعبر، فقَصَدَ تَاج الدَّوْلَة ابن مُنْقِذ بشَيْزَر مُمْتدِحًا له، ونَزَل بمَسْجِدٍ بشَيْزَر، فلم يَرَ عند بني مُنْقِذ احْتِفَالًا بأمْره، فأمَرَ غُلَامَهُ أنْ يأتيَهُ بدَابَّتهِ فرَكِبَها وفَارَقهم، وسار عن شَيْزَر، وكَتَبَ على حَائِط المَسْجِد الّذي كان نَازِلًا به: [من مجزوء الرمل]

بتُّ ضَيْفًا ببني مُنْـ … ــقذِ كَهْفِ الفُقَرَاءِ

غيرَ أنِّي بتُّ في المَسْـ … جِدِ والماءُ غِذَائي

أشْتَكي الجُوْعَ إلى الفَجْـ … ــر وأجْتَرُّ خَرَائي

قال: فطَلَبَهُ تَاج الدَّوْلَة ابن مُنْقِذ بعد يَوْمَيْن فلم يَجدْهُ، فأُسْقِطَ في يَده، وقال: السَّاعَة يَمْضي المُجَفْجَف إلى قَلْعَةِ جَعْبَر (a) ويَشْتِم أعْرَاضَنا، قال: فأرْسَل في الحالِ إلى جَدّك القَاضِي ابن العَدِيْم قاضي حَلَب مائة دِيْنارٍ وعَشرة ثيِاب خَزٍّ، وقال له: ما أَعْرف خَلاصَ أعْرَاض نسَائنا إلَّا منْكَ، فَتَسْتَدعي المُجَفْجَف وتَسْتَطْلقنا منه وتَدْفع إليهِ هذه الدَّنَانِيْر وهذه الثِّيَاب.

قال: فسَيَّرَ جَدُّكَ وأحْضَر المُجَفْجَفَ، وقال: أسألُكَ في شيءٍ وهو أنَّك لا تتَعَرَّض بذِكْري مُنْقِذ بقَبِيْح، وتأخُذ هذه الدَّنَانِيْر وهذه الثِّيَاب وتُطْلقُهم ليّ،


(a) الأصل: جَعْفَر، وقَلْعَة جَعْبَر معروفهْ، تقدّم التعريف بها في الجزء الأوّل.

<<  <  ج: ص:  >  >>