للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَجِّر لعِبَادِي نَهْرين، واجْعَل مَغِيضَهُما البَحرَ، فقد أمْرتُ الأرْضَ أنْ تُطيعَكَ. قال: فأخَذَ قَناةً -أو قَصَبَةً- فَجَعَلَ يَخُدّها في الأرْض ويَتَّبعُه الماءُ، فإذا مَرَّ بأرضِ شَيْخٍ كبير أو يَتِيْمٍ ناشَدَهُ اللهَ، فيحَيدُ عن أرْضه، فعَوَاقِيْلُ دِجْلَة والفُرَات من ذلك.

وقال: أخْبَرَنا أبو بَكْر الخَطِيب (١)، قال: أخْبَرنا أبو الحُسَيْن أحْمَد بن مُحمَّد ابن أحْمَد بن حَمَّاد الوَاعِظ مَوْلَى بَنِي هاشِم، قال: أخْبَرَنا أبو عَليّ إسماعِيل بن مُحمَّد الصَّفَّار إمْلاءً، قال: حَدَّثَني أبو بَكْر مُحمَّد بن إِدْرِيس الشَّعْرَانيُّ، قال: حَدَّثَنا مُوسَى ابن إبْرَاهِيْم الأنْصاريّ، عن إسْمَاعِيْل بن جَعْفَر المَدَنِيّ، عنِ عُثْمان بن عَطَاءٍ، عن أبيه، قال (٢): أوْحَى اللهُ تعالى إلى دَانِيَال أنْ احْفِر لي سِيْبين نَهْرين بالعِرَاق، قال دَانِيَال: إلَهىِ؛ بأيّ مَكاتِل، وبأيّ مسَاحيّ، وبأيّ رِجَال، وبأيّ قُوَّة أحْفِر لك هذَيْن النَّهْرين؟ فأوْحَى اللهُ سُبحانَهُ، أنْ أعِدَّ سكَّة حَديدٍ وعَرِّضْهَا واجْعَلها في خشبَةِ، وألْقِها خَلْفَ ظَهْرِكَ، فإنِّي باعِثُ إليك المَلائِكَة يُعِيْنُونَكَ على حَفْرِ هذين السِّيْبَينَ؛ قال: ففَعَل، فحفَر، وكان إذا انْتَهى إلى أرْض أرْملةٍ أو يتيم حَادَ عنهُ، حتَّى حَفَر الدِّجْلَة والفُرَات، فهذه العَوَاقِيلُ الّتي في الدِّجْلَة والفُرَات من حَفْرِ دَانِيَال.

وأنْبَأنَا سَعيدُ بن هاشِم بن أحْمَد الخَطيبُ، عن أحْمَد بن مُحمَّد بن أحْمَد، عن أحْمَد بن مُحمَّد بن الآبِنُوسِيّ، قال: أخْبَرنا أَبو الحُسَيْن بن المُنَادِيّ، قال: ورُويَ عن ابن عَبَّاس أنَّ الله تعالَى أوْحَى إلى دَانِيَال الأكْبر، وكان بين نُوح وإبْرَاهِيْم صلَّى اللهُ عليهم أجْمَعِين، أنْ احْفِر لعِبَادِي نَهرَيْن ينتفِعُونَ بهما، فإنِّي قد أمَرْتُ الأرْضَ والماءَ أنْ يُطيْعَاك. فأخَذَ عصًا، ثمّ أقْبَل يَخُطّ في الأرْض، والماء يَتْبَعُهُ، يَمُرّ بالقرَاح والكَرْم والنَّهْر للشَّيخ وللمَرْأة وللصَّبيّ، فتقُول المرأةُ: نَحِّهِ عن كَرْمي وارْحمني لضَعْفيّ، فصَرف به حتَّى قَذفَهُ، فعَوَاقِيلُ دِجْلَة والفُرَات من ذلك.


(١) تاريخ بغداد ١: ٣٦١ - ٣٦٢.
(٢) المنتظم لابن الجوزي ١: ١٥٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>