للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَفْسكَ، {وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي} (١) فلَم يَبْقَ لي وِارثٌ، وخفْتُ العصَبَةَ أنْ تَرثني {فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا} (٢) يعني من عندكَ ولدًا {يَرِثُنِي} (٣)، يعني يرَثُ مِحْرَابي وعَصَاي وبُرْنُس القُرْبان وقَلَمي الّذي أكْتُب به الوَحْي، {وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ} (٤) النُّبُوَّة، {وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا} (٥) يعني: مَرْضِيًّا عندك.

قَوْله: {وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا} (٦) قال ابنُ عبَّاسٍ: خَافَ أنَّها لا تَلد فقال: {امْرَأَتِي عَاقِرًا} (٧) وأنْتَ تَفْعَل ما تشَاء، فهَب لي وَلدًا، فإذا وَهَبَتَهُ فاجْعَله رَضِيًّا (a) زَاكِيًا بالعَمل، فاسْتَجَاب اللهُ له، وكانا قد دخَلا في السِّنِّ هو وامْرأته، فبينا هو {قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ} (٨)، حيثُ يذبَحُ القُرْبان، إذا هو برَجُلٍ عليه البَيَاضُ حيَاله وهو جِبْرِيل، فقال: يا زَكَرِيَّاء إنَّ الله يُبَشِّرك وهو قَوْلهُ: {نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى} (٩)، واسْم يَحْيَى هو اسْم من أسْماء اللهِ، اشْتُقَّ من يا حَيّ، سَمَّاهُ اللهُ [من] (b) فَوْق عَرْشه {لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا} (١٠)، قال ابنُ عبَّاسٍ: لم يَجْعَلِ لزَكَرِيَّاء من قَبل يَحْيَى وَلدًا نَظيْرها؛ {هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا} (١١)، يعني هل تَعْلم له ولدًا، ولَم يكُن لزَكَرِيَّاء قَبْله وَلد، ولَم يكُن قَبْل يَحْيَى أحَدً يُسَمَّى يَحْيَى، قال: وكان اسْمُه حَيّ، فلمَّا وَهَب الله لسَارَة إسْحاق، فكان اسْمُها يسَارة، ويسَارة من النِّسَاء الّتي لا تَلدُ، وسَارَة من النِّسَاءِ الطَّالقة الرَّحم الّتي تَلدُ، فسَمَّاها الله سَارَة، وحوَّل اليَاء من يَسَارَة إلى حَيّ، فسمَّاهُ يَحْيَى. ثُمَّ قال: {مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ} (١٢) يعني


(a) ابن عساكر: فاجعله رب رضيا.
(b) إضافة من تاريخ ابن عساكر.

<<  <  ج: ص:  >  >>