للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو جَرَى في نَداهُ النَّاسُ أغْرَقَهُمْ … ما كُلُّ ماءٍ على شَاطٍ بزَخَّارِ

فاقَ الوَرَى بأيَاديهِ الّتي هَطَلَتْ … مِنَ النَّدَى سُحُبًا من بَحْرهِ الجارِي

اجْتزَتُ في بعضِ السِّنِيْن بشَيْزَر، فسَألتُ بعضَ مَنْ حَضَر عندِي من أمَاثِلها، عن شُعَرَاء شَيْزر، فذَكَرَ لي زَمَّاخ بن صَافِي الأعْسَر، ومَضَى إلى مَنْزِله وسَيَّر لي رُقْعَةً فيها أبْيَاتٌ كَتَبَها زَمَّاخ المَذْكُور عن سَابِق الدِّين عُثْمان بن الدَّايَة إلى سِنَان صَاحِب الدَّعْوَة النِّزَارِيَّة، جَوَابًا عن أبْيَاتٍ كَتَبَها سِنَان إلى سَابِق الدِّين عُثْمان يتَهَدَّده، وهي (١): [من البسيط]

يا ذَا الّذي بقِرَاع السَّيْف هَدَّدني (a) … لا قامَ مَصْرع جَنْبي حين تصْرَعُه

قام الغُرَابُ (b) إلى البَازِي يُهَدِّدُه … واسْتأسَدَت للقاء الأسد (c) أَضْبُعُه

يا منْ يفكُّ (d) فَم الأفْعى بإصْبَعِهِ … يَكْفِيْه ممَّا تلاقي منه إصْبَعُه

قال: فأجَابَهُ زَمَّاخ الأعْسَرُ عن سَابِق الدِّين عُثْمان بهذه الأبْيَات: [من البسيط]

يا مَنْ يقُول مَقَالًا ليس تَسْمَعَهُ … أُذْني ولا هو ذو قَدْرٍ فيَرفَعُه

وظَنَّني بقِرَاع السَّيفِ أُوعدُه … والرُّعْب في قلبهِ والخوف يَقْطَعُه

وما دَرَى أنَّني البَازِيُّ تَرْهَبُه … نَفْسُ الغُرَابِ الّذي في الكَهْف مَوضِعُه

وأنَّني أسَدٌ والأُسْدُ تَرْهَبُني … هذا وكم أسَدٍ بي حَانَ مَصْرَعُهُ

والضَّبع أنْتَ ورِجْلاكَ العُراج بها … والضَّبْع أعْرَج والمَيْتَاتُ مَرْتَعُه

ما يَسْتَحي ثَعْلَبٌ مع ضَعْف أسْرَتهِ … يَمُرّ بالأسَد الضَّارِي يُفَزِّعُهُ


(a) ابن خلكان: هددنا.
(b) ابن خلكان: الحمام.
(c) ابن خلكان: واستيقظت لأسود البر.
(d) ابن خلكان: أضحى يسدُّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>