للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال له مُعاوِيَة: كأنَّكَ إنَّما جئتَ مُتهدِّدًا ولَم تأْتِ مُصْلِحًا، هَيْهاتَ يا

عَدِيُّ واللّه إنِّي لابنُ الحَرْب (a) ما يُقَعْقع لي بالشِّنانِ، أمَا واللهِ إنَّك لمَن المُجْلبين

على ابن عَفَّان، وإنَّكَ لمن قَتَلَتِه، وأنِّي لأرجُو أنْ تكُون ممَّن يقتُلُه الله، هَيْهاتَ يا

عَدِيُّ!.

فقَال شَبَثُ بن رِبْعيِّ وزِيَادُ بن خَصَفَة: أتَيْناكَ لِمَا يُصْلحنا، وأقْبَلتَ تَضْربُ لنا الأمْثَال، دَعْ عنكَ ما لا ينتفَعُ به، وأجِبْنا بما يَغْنِينا (b) وإيَّاك نفْعُه.

وتكلَّم يَزيد بن قيْسٍ، وذَكَرَ تَمَام الحِكايَة إلى أنْ قال: وخَرَجَ القَوْمُ عنه لينصَرفُوا إلى عليّ، فبَعَثَ (c) إلى زِيَاد بن خَصَفَة التَّيْمِيّ فردَّهُ (d) فدَخَلَ عليه، فقال مُعاوِيَة: يا أخا رَبيعَة؛ إنَّ عليًّا قطَع أرْحَامَنا، وقتَل إمَامَنا، وآوَى قَتَلَةَ صَاحِبنا، وإنِّي أسْأَلك النُّصْرةَ عليه بأُسْرتكَ وعَشِيرتك، ثمّ إنَّ لك عَهْدُ الله أنِّي أُوَلِّيك إذا ظَهرْتُ أحبّ المِصْرَيْن أحْبَبت: الكُوفَة أو البَصْرَة.

قال أبو المُجَاهِد الطَّائيّ: فسَمِعتُ زِيَاد بن خَصَفَة يُحَدِّث بهذا الحَدِيْث، قال: قال زِيَاد: فلمَّا قضَى مُعاوِيَة كَلَامَهُ، حَمدتُ الله وأثْنَيتُ عليه، ثمّ قُلتُ: أمَّا بَعْدُ، فإنِّي على بيِّنةٍ من ربِّي بما أنعَمَ عليَّ، فَلِمَ (e) أكونَ ظَهِيرًا للمُجْرمين؟ ثمّ قُمْتُ من عنده، فقال مُعاوِيَة لعَمْرو إلى جَنْبهِ: ما لهم عَضَبَهُم الله (f)، ما في قُلُوبهم، ما قَلْبُهم إلَّا قَلْب رَجُلٍ واحدٍ.


(a) وقعة صفين وتاريخ الطبري: "لابن حرب".
(b) وقعة صفين: يعمُّنا، الطبري: فيما يعمّنا.
(c) أي معاوية بن أبي سفيان.
(d) ليست عند نصر.
(e) تاريخ الطبري: فلن.
(f) تاريخ الطبري: عضبهم الله بشر.

<<  <  ج: ص:  >  >>