للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أوْتَادًا وللخَلْقِ منْعًا (a)، إنْ أَظْهَرْتَنا على عَدُوِّنا فَجّنِبْنا البَغْيَ، وسَدِّدْنا للَحقِّ، وإنْ أظْهَرْتَهُم علينا فارْزُقْنا الشَّهَادَةَ، واعْصِم باقي (b) أصْحَابي من الفِتْنَة.

فلمَّا رَأوه أهْلُ الشَّام قد أقْبَل خَرَجُوا إليه بزُخْرُفِهم (c)، وجَعَلَ عليّ على مَيْمَنَته يَوْمئذٍ عَبْد الله بن بُدَيْل بن وَرْقَاءَ، وعلى مَيْسَرَته عَبْدَ اللهِ بن عبَّاسٍ، وجَعَلَ قُرَّاء أهْلِ العِرَاق مع ثلاثة نَفَرٍ: عَمَّار بن يَاسِر، وقَيْس بن سَعْد بن عُبَادَة مع ابن بُديْل والنَّاسُ على رَاياتهِم، وعليٌّ في القَلْب في أهْلِ المَدِينَةِ وأهْل الكُوفَة وأهلِ البَصْرة، وكان عُظْم مَنْ معه من أهْلِ المَدِينَة الأنْصَار، وكان معه من خُزَاعَة عَدَدٌ حَسَنٌ، ومن كِنَانَة وغيرهم خَلْق كَثِيْر. وكان عليٌّ رَجُلًا دَحْدَاحًا رَبْعَةً (d).

قال: فزَحَفَ عليٌّ بالنَّاسِ إليهم، ورفع مُعاوِيَة على قُبَّةٍ (e) له عَظِيمَة قد ألْقَى عليها الكَرَابِيس (f)، فزَحفَ عَبْد الله بن بُدَيْل في المَيْمَنَة نحو حَبِيْب بن مَسْلَمَة، فلَم يَزَل نَحْوهُ (g) ويَكْشف خَيْلَهُ من المَيْسَرة حتَّى اضْطَرَّهم إلى قُبَّةِ مُعاوِيَة عند الظُّهْر.

وقال زَيْد بنُ وَهْب الجُهَنِيّ: إنَّ عَبْد الله بن بُدَيْل قام يَوْمئذٍ في أصْحَابهِ فَخَطَبَهم، فَحمِدَ الله وأثْنَى عليه، ثُمَّ قال: ألَا إنَّ مُعاوِيَةَ ادَّعَى ما ليسَ له، ونازَعَ الأمْرَ أهلَهُ، ومَنْ ليس هوِ مثلَهُ، وجَادَلَ بالبَاطِلٍ ليُدْحِضَ به الحَقّ، ومال (h) عليكم بالأعْرَابِ والأحْزَاب، وزَيَّن لهم الضَّلَالةَ، وزَرَعَ في قُلُوبهم حُبَّ الفِتْنَة، ولَبَّسَ عليهم الأمْرَ، وزَادَهُم رِجْسًا إلى رِجْسِهم، وأنتُم واللهِ على الحَقِّ (i)، وعلى نُورٍ من رَبَّكم وبُرْهانٍ مُبِيْن، فقاتِلُوا الطُّغَاةَ (j) الجُفَاةَ، قاتلُوْهُم ولا تَخْشوهم، {فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ


(a) وقعة صفين: متاعًا.
(b) وقعة صفين: بقية.
(c) وقعة صفين: بزحوفهم.
(d) في كتاب وقعة صفين زيادة متابعة في وصف علي كرَّم الله وجهه.
(e) وقعة صفين: ورفع معاويةُ قبة.
(f) زيد في وقعة صفين: وجلس تحتها.
(g) وقعة صفين: فلم يزل يحُوزُه.
(h) وقعة صفين: وصال.
(i) قوله: "وأنتم والله على الحق" ليس في وقعة صفين.
(j) وقعة صفين: الطغام.

<<  <  ج: ص:  >  >>