للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقَتَلَهُ، ونَزَلَ على حَلَب، وفَتَحَها، وعَصَى سَالِم في القَلْعَة، فوَصَلَ الخبَرَ بوُصُول مَلِك شَاه، فتَوجَّه تُتُش إلى دِمَشْق، ووَصَلت مُقدِّمَة عَسْكَر مَلِك شَاه، فسَارَع سَالَم بن مَالِك إلى طَاعَة الوَاصِل وخِدْمَته.

ووَصَلَ مَلِك شَاه إلى قلْعَة جَعْبَر بن سَابِق القُشَيْريّ، فتَسَلَّمها منه وقَتَلَهُ، ووَصَلَ إلى حَلَب، فتَسَلَّم حَلَب وقَلْعتها من سَالِم بن مَالِك سَنَة تِسْعٍ وسَبْعِين وأرْبَعِمائة وعوَّض سَالِم بن مَالِك بقَلْعَة جَعْبر، وأقْطعَهُ الرَّقَّة وعدَّة ضِيَاع.

ويُقال إنَّ سَالم بن مَالِك لَم يَذْكرها للسُّلْطَان، وإِنَّما سَيَّرَ إليه يَقُول: إنَّ لي وَلدًا وعائلةً كَبيرة، وقد أرَدْتُ أنْ يَنْظُرِ السُّلْطان لهم فوْق نَظَري لهم، فشَاور في ذلك نِظَام المُلْك، فقال له: إِنَّ قلْعَة جعْبَر تُريد منَّا في كُلِّ عامٍ جُمْلَةً من المال، وليسٍ لها عَمَلُ جَيِّد، وهو يَرْضَى بها، فكَتَبَ نِظَام المُلْك يُعرِّف سَالِم بن مَالِك ما جَرَى، فطَار سَالِم فَرصًا بما سَمِعَ، فبَعَثَ إلى نِظَام المُلْك بخَادِمهِ إقْبَال، وكان أحْسَن خَادِم يكُون له في الفُرُوسِيَّةِ اسْم، وفي الكتابة يَد طُوْلى، إلى خَطٍّ بَدِيْع من طَريْقَة ابن البَوَّاب، يتَرَسَّل عن موْلاه، وفي صُحْبَتهِ خَمْسُون ألف دِرْهَم، فقال نِظَام المُلْك: ما أَسْدَيت إليك شيئًا تَعْتَاض به عن إقْبَال! ورَدَّ الدَّرَاهِم عليه، وبَعَثَ بجَارِيتَين بكْرين أحْدَيهما إفْرَنْجِيَّة والأُخْرى أَنْدَلُسِيَّة، ليس لهما نَظِير في الحَسَن والجَمَال والأدَب والصَّنَائع الحَسَنة، فبَعَثَ بهما نِظَام المُلْك مع إقْبَال الخادِم إلى السُّلْطان، فلمَّا دَخَلَ بهما على السُّلْطانِ قال للحَاجِب: ردّ إقْبَال لا يَدْخُل عليَّ، فجِب منهُ بطَانَتُهُ، واسْتُحْسن ذلك منه، فبَلَغَ نِظَام المُلْك قَوْله، فبَعَثَ به في عَشرة من الخَدَم، فقَبِلَهم إلَّا إقْبَال فإنَّهُ أعادَهُ بعد أنْ رَمَى بينَ يَدَيْهِ، وكَتَبَ وتَبَذَّل في الحَوَائِج، فقال: إنَّ بنِظَام المُلْك إليك أشَدّ حَاجةٍ، فخَدَم إقْبَال وأجَاب السُّلْطان أحْسَن جَوَاب عن قَوْله، وانْصَرَف.

<<  <  ج: ص:  >  >>