للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في الذَّاهبِيْنَ الأوَّليْـ … ـن من القُرُون لنا بَصَائرْ

لَمَّا رأيْتُ مَوَارِدًا … للمَوْتِ ليسَ لها مَصَادِرْ

ورَأَيْتُ قَوْي نَحْوَها … يَمضِي الأصَاغرُ والأكابِرْ

لا مَنْ مَضَى منهم يرا … جِعُهُم ولا البَاقي بغَابِرْ

أَيْقَنْتُ أنّي لا مَحا … لَة حيثُ صَارَ القَوْمُ صَائِرْ

فقال رسُولُ اللّه صَلَّى اللّهُ عليه وسَلَّم: رَحمَ اللّهُ قُسَّ بن سَاعِدَةَ؛ إنِّي لأرْجُو أنْ يأتيَ يومَ القِيامَة أُمَّةً وحْدَهُ، فقال رَجُلٌ من القَوْم: يا رسُول اللّه، لقد رأيتُ من قُسٍّ عَجَبًا، قال: وماذا الّذي رأيتَ؟ قال: بَيْنَا أنا يَومًا بجَبَلٍ في ناحيَتَنا يُقالُ لهُ سِمْعَان في يوم قائظٍ شَدِيد الحَرّ، إذا أنا بقُسٍّ بن سَاعِدَةَ في ظلّ شَجَرة عندَها عينٌ من ماءٍ، وإذا حَوْلَهُ سِبَاعٌ كَثِيْرةٌ قد وَرَدَتْ، وهي تَشْرَبُ من الماء، فإذا زَأَر سَبُعٌ منها على صَاحبِهِ ضَرَبَهُ بيَده، وقال: كُفَّ حتَّى يَشْرَبَ الّذي وَرَد قبلَك، فلمَّا رأيتُهُ وما حولهُ من السِّبَاع هَالَنِي ذلك، ودخَلَني رُعبٌ شديدٌ، فقال لي: لا تَخَفْ، لا بأسَ عليك إنْ شَاءَ اللّهُ، وإذا أنا بقَبْرَيْن بينهما مَسْجِدٌ، فلَّا أَنسْتُ به قُلْتُ له: ما هَذانِ القَبْران؟ قال: هذان قَبْرا أخَوَين كانا لي يَعْبُدان اللّه في هذا المَوْضِع، واتَّخَذْتُ فيما بينهما مَسْجِدًا أعْبدُ اللّه فيهِ حتَّى ألْحقَ بهما، ثمّ ذَكَر أيَّاما وفعالَهُمَا، فبكَل ثمّ قال (١): [من الطّويل]

خَلِيْليَّ هُبَّا طالَ ما قَد رَقَدْتُما … أجِدَّكُمَا لا تَقْضيَان كَرَاكُمَا

ألَمْ تَعْلَما أَنّي بِسمْعَان مُفْرَدٌ … وما لِيَ فيها من حَبِيْبٍ سِوَاكُمَا


(١) الأيات في الأغاني ١٥: ١٦٥ وأيضًا في الإشارات للهروي ٥، باختلاف في الرواية وزيادة. بيت، وابن كثير: البداية والنهاية ٢: ٢٣٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>