للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تفَرَّغْتَ شُغْلًا بالمَعَالِي وإنَّما … تَرُوحُ لتَشْييدِ المَكَارِم أو تَغْدُو

إذا ما عَلَتْ يُمْنَاك كَفًّا حَسِبْتَها … من البِرِّ أُمًّا تحت كَلْكَلِها مَهْدُ

وكُنْت إذا رَاهنْتَ قَوْمًا إلى العُلَى … تَخَوَّنَهُمْ بُعْدُ المَدَى فأتَوْا بَعْدُ

وحَالَفْتَ ما بين المَنَاقِبِ في العُلَى … فجاءَتْ وكُلُّ اثْنَين بيْنَهما عَقْدُ

ففي قُرْبكَ الزُّلْفى وفي وَعْدكَ الغِنَى … وفي بِشْرِكَ الحُسْنَى وفي رَأيكَ الرُّشْدُ

ومثلُكَ مَنْ سَاقَ الثَّنَاءَ سَمَاحُهُ … وتَيَّمَهُ بالنَّائِل (a) الوَجْدُ لا الوُجْدُ

وفَكَّ يَدَيْ أمْوَالِهِ من ختُومها … فِكَاكَ الأُسَارَى قد أضَرَّ بها القِدُّ

فَدُمْ للمَعَالِي كُلَّما ذرَّ شَارِقٌ … جَرَى بالَّذي تَهْوَاهُ طَائِرُكَ السَّعْدُ

وقَرأتُ بخَطِّ أبي عَبْد الله القَيْسَرَانِيّ (١)، يمدَحُ الشَّيْخ أبا غَانِم بن طَارِق بن شُقَارَة من قَصِيدَةٍ، وأنْبَأنَا بها المُؤيَّدُ بن مُحَمَّد بن عليّ الطُّوْسيّ وغيره عنهُ، قال فيها: [من البسيط]

كأنَّ عَيْنَيَّ في فَضْل انْسِكابهما … يَدَا أبي غَانِمٍ جَادَتْ بأفْضَالِ

وتلك مُزْنَةُ جُوْدٍ كُلَّما ابْتَسَمتْ … تبَجَّسَت بمُلِثِّ الفَضْلِ هَطَّالِ

غَمْزٌ (b) يَصُدُّكَ عن تَكْذِيبِ مَادِحِه … ما عندَ كَفَّيْهِ من تَصْدِيق آمَالِ

يُثْري فلا يَسْتَقرُّ المالُ في يَدِه … كأنَّهُ عَذَلٌ في سَمْعِ مُخْتَالِ

مُتَيَّم ببَناتِ الحَمْدِ (c) وهي بهِ … مَفْتُونَةٌ (d) فهو لا شَاكٍ (e) ولا سَالِ

تَدَارَكَتْ حَالُه وُدًّا ومَحْمِيَةً (f) … ما غيَّرَتْ غِيَرُ الأيَّام من حَالِي

أَلْهَى تَوَالِيَ دَهْرِي عن أَوَائِلهِ … حتَّى تَسَلَّيْتُ بالبَاقِي عن الخَالِي

غَارَتْ حَمِيَّتُهُ منِّي على حِكَمٍ … في الشِّعْر يَجْري عليها حُكْمُ جُهَّالِ


(a) الديوان: بالسائل.
(b) الديوان: غمر.
(c) الديوان: الفكر.
(d) ق: مفتوحة.
(e) الديوان: لا شال.
(f) الديوان: ومحمدة.

<<  <  ج: ص:  >  >>