حَبِيْب، قال: حَدَّثَنَا إبْراهيمُ بن عَبْدِ الله بن مُوسَى البَصْرِيّ، قال: حَدَّثَنَا عليّ بن مُحَمَّد بن جَمِيل الرَّافِقِيّ، قال: حَدَّثَنَا سَعْدُ بن عَبْد الله الحَلَبِيّ، عن عبد الصَّمَد بن مُغَفَّل، عن وَهْب بن مُنَبِّه، قال: رأيْتُ أُسْقُفَّ قَيْسارِيَّة في الطَّوَاف، فسَألتُهُ عن إسْلَامهِ، فقال: رَكِبْتُ سَفِيْنَةً أقْصدُ بعضَ المُدن في جَمَاعَةٍ من النَّاسِ، فانْكَسَرت السَّفِيْنَة وبَقِيْتُ على خَشَبَةٍ، تَضْربني الأمْوَاجُ ثلاثة أيَّامٍ وليَاليها، ثُمَّ قَذَفَ بي المَوْجُ إلى غَيْضَةٍ فيها أشْجَارُ يُقال لها النَّبَق (a)، ونَهْرٌ مُطَّرد، فشَرِبْتُ الماءَ، وأكَلْتُ من ذلك الثَّمر، فلمَّا جَنَّ اللَّيْلُ، صَعِدَ من الماءِ شَخْص عَظِيمٌ وحَوْله جَمَاعَةٌ لَم أرَ على صُوْرتهم أحدًا، فصَاحَ بأعْلَى صَوْته: لا إلَه إلَّا اللهُ، المَلِك الجَبَّار، مُحَمَّد رسُول اللهِ النَّبِي المُخْتَارُ، وأبو بَكْر الصِّدِيْق صَاحِب الغَار، وعُمَر بن الخَطَّاب مِفْتاح الأمْصَار، وعُثْمان بن عَفَّان الحَسَن الجِوَار، وعليّ بن أبي طَالِب قَاصِم الكُفَّار، على باغِضِيْهم لعنَةُ الله، ومَأوَاهم جهَنَّم وبئس الدَّار، ثمّ غَاب.
فلمَّا كان بعد مضِي أكْثَر اللَّيْل، صَعِدَ ثانيًا في أصْحَابهِ ونَادَى: لا إلَه إلَّا اللهُ القَرِيب المُجِيبُ، مُحَمَّد رسُول الله النَّبِيّ الحَبِيْبُ، أبو بَكْر الصِّدِّيْق الشَّفِيق الرَّفيق، عُمَر بن الخَطَّابِ رُكْن من حَدِيْد، عُثْمان بن عَفَّان الحَييّ الحَلِيم، عليّ بن أبي طَالِب الكَرِيم المُسْتَقِيْم، ثُمَّ بَصُر بي أحَدُهم فقال: جِنِّيٌ أم إنْسِيّ؟ قُلتُ: إنْسيٌّ، قال: ما دِيْنُكَ؟ قُلْتُ: النَّصْرانِيَّة، قال: أَسْلِم تَسْلَم، أمَا عَلِمْتَ {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَام}(١) فقُلتُ لَهُ: مَنْ هذا الشَّخْصُ العَظِيْم الّذي نَادَى؟ فقال: هو التَّيَّار مَلكُ البِحَار، هذا دَأبُهُ على كُلِّ لَيْلَةٍ في بَحْرٍ من الأبْحُر. قال: غَدًا يَمُرُّ بك مَرْكَب فصِحْ بهم أو سِرْ إليهم يَحْملُوكَ إلى بَلَد الإسْلَام.
(a) في الأصل: الرىق، وفوقها "صـ"، وكتب ابن العديم في الهامش: "أظنه: لها الورق"، والمثبت أقرب لأن يكون الصواب.